يقول بيل كلينتون عندما سألوه "ماذا ستفعل هيلاري كلينتون زوجته مستقبلاً؟": "لا أدري إن كانت ستبقى أو تمضي، هل سترشح نفسها للرئاسة 2016م أو لا، لا أدري، عموماً هي قراراتها وحدها".
الطفلة التي شاركت في أولى حملات الانتخاب الرئاسية وهي في سن الثالثة عشرة ربما استيقظت متأخرة لتعلم أن الطريق للرئاسة لا يمر عبر زوجها الذي يقال إنها كانت سبباً في وصوله للرئاسة، ولا أجد ذلك منطقياً، فمن قرأ سيرة حياته يوقن أن الفتى مجهول الأب وفقير الحال والذي كان يسجل أرقام كل رجل ذي مكانة أو مال في دفتره الصغير، سيصل دون معونة أحد، وإن كنا رأينا جميعاً كيف سقط بسبب امرأتين لم تكن بينهما هيلاري كلينتون التي غضب الكثيرون من برود موقفها عندما تحدث العالم عن الرجل الذي يخونها!
زعموا حينها أنها لم تُرد أن تسيء لمستقبلها السياسي ومكانتها التي تحلم بها؛
لذا وقفت بجواره ولم تطلب الطلاق، ولم يكن دافعها الحب والمسامحة.
في الواقع، إن الرجل الذي يخون يترك مع كل خيانة ندوباً في القلب بعدها لا يبقى له في قلب امرأة أحبته أي شيء، ببساطة يبقى فقط أن تحب نفسها وتقدرها وتعلم أنه ما خانها لنقص فيها، بل لسوء طبيعة فيه، ثم تقول لنفسها في بداية كل يوم: صباح الخير أيتها الجميلة!
وأظن هيلاري فعلت ذلك بهدوء؛ لذا عندما خرج من البيت الأبيض دخلت هي الكونجرس، ثم أصبحت وزيرة خارجية أميركا الأكثر نشاطاً، ثم سقطت قبل أسابيع بسبب جلطة في الدماغ يبدو أنها تلاشت أمام حب وتقدير هيلاري كلينتون لذاتها ونفسها لتعود مجدداً لسباق التميز.
للأسف ثقافتنا العربية رجالاً ونساءً، تركز بقوة على إلغاء كلمة "أنا" من قواميسنا، وتربطها عادة بالشيطان، وأنه أول من قالها! لذا دائماً ندفع أنفسنا للمؤخرة حتى نتجنب أن نوصم بالأنانية وتقليد الشيطان، على الرغم من ورود قوله صلى الله عليه وسلم: "أنا النبي لا كذب"؛ كمثال على جواز منح الذات التقدير اللائق الذي يدفعها للتميز والرقي.
بل إننا في تعاملاتنا اليومية عندما يقول لنا شخص إن ما فعلناه جيد وجميل نرد بدون تفكير "عيونك الحلوة "، بمعنى "أنا لست جميلاً لكن عيونك جميلة فرأتني كذلك"، بينما يكون الواحد منا قد تعب لأجل منجزه حتى ظهر بهذه الصورة، ثم في لحظة قلل من جهوده ونسب الجمال لغيره!
إن ما سبق بعض ما يؤدي لانهيار الشخص بسهولة في بلادنا العربية، وإصابته بالإحباط بسبب نظرته القاصرة لذاته، وعدم تقديره لحجم تأثير تصرفاته على تميزه ونجاحه؛ فيرد على شاتميه وينشغل بكل من يؤذيه ولا يمشي ملكاً كما تقول الحكمة.