يناقش الباحث الدكتور خالد عزب إدارة السياسات الإعلامية التى تمثل تحديا جديدا أمام دول العالم، "ففي المستقبل لن يكون لها وجود حقيقي دون أن تكون لها سياسات إعلامية".

ويستعرض عزب في كتابه "السياسات الاعلامية.. الدولة، المؤسسة، الفرد" الصادر عن دار أطلس للنشر في القاهرة، الخبرات المتراكمة لجهود كثير من المؤسسات في هذا المجال.

وكان عزب أكثر تحديدا لمسألة إدارة السياسات الإعلامية، معتبرا هذه الإدارة هي فن من فنون الدبلوماسية شديدة التعقيد والتركيب، إذ إنها تجمع بين توازنات داخل المؤسسة قد تتطلب في وقت ما كبح جماح التوجه نحو الإعلام بسرعة غير مطلوبة من بعض إدارات المؤسسة، وفي وقت آخر حث وإقناع بعض الإدارات على التوجه نحو الإعلام وتلبية متطلباته.

وذهب المؤلف إلى أن هذه الدبلوماسية قد تمارس داخل الدولة وخارجها، فمن المطلوب تكثيف المادة الإعلامية التي قد يجري بثها للوسائط الإعلامية المختلفة، أو التقليل من حجم هذه المادة، لكن متى يتم هذا ومتى يتم ذاك، لا شك أن ذلك يتطلب قراءة جيدة يومية من شخص ما للحياة السياسية والثقافية والأحداث الجارية، حتى يتسنى لهذا الشخص اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.

ويرى المؤلف أن هذا نوع المادة التي ستقدم للجمهور من خلال كثير من الوسائط الإعلامية التي أصبحت من الكثرة بحيث قد تربك الشخص المسؤول، لكن هنا يبقى الفيصل هل حدد هدفه؟ هل حدد نوعية المادة؟ هل حدد وسيلة الاتصال المناسبة؟ هل يستخدم كل الوسائط أم بعضها؟ يقول عزب: إن المهارة التامة تكمن في استخدام كل الوسائط لكن الاكتفاء بوسيط دون الآخر قد يضعف أداء الإدارة، فالاتصال المباشر وهو أقدم الوسائط التي عرفها الإنسان ما زال أكثر الوسائط فاعلية وأكثرها صعوبة، لأن فيه إما أن يفقد المتصل به إلى الأبد، أو يكسبه إلى الأبد.

ويوضح المؤلف أن صناعة السياسات الإعلامية ليست بالسهولة التي قد يتخيلها بعض، فهي تحدد للمؤسسة أهدافها وطريقة الوصول لها، وفلسفتها، وعملية التغيير اللازمة في الوقت المناسب، فضلا عن كونها الوسيط الفعال بين المؤسسة والجمهور، لخلق حالة من التوافق بينهما، وتبادل التأثر لمصلحة الطرفين.

ولفت عزب إلى أن أنجح السياسات هي التي تقوم على إقامة علاقة متوازنة بين الجمهور والمؤسسة، إذ يجب ألا يتوقف دور المؤسسة على جعل الجماهير تتكيف معها، ولكن يجب أن تتكيف المؤسسة نفسها مع البيئة الخارجية، بما فيها الجماهير الفاعلة تجاه هذه المؤسسة، فبناء علاقة إستراتيجية بين الطرفين تعتمد على الفهم المتبادل والاتصال الفعال في اتجاهين بدلا من الاعتماد على إستراتيجيات الإقناع في اتجاه واحد، وتتوقف قدرة القائمين على إدارة هذه العلاقة على عدة عوامل منها: الاستقلالية في اتخاذ القرار، والقوة والأهمية التي تتمتع بها جماهير المؤسسة، ومناخ تغطية وسائل الإعلام، وكذلك القيود القانونية والتنظيمية.