1- عندما تشعر بقدر كبير من الجوع الجمالي، وتكون محتاجا إلى صوت فيروز مثلا، فإن أمامك خيارين: أحدهما أن تمسك بالريموت كنترول لتبحث عن صوت فيروز بين مئات القنوات الفضائية، والآخر: أن تفتح "الآيباد" أو "الآيفون" أو "اللاب توب"، وتذهب سريعا إلى "يوتيوب"، فتكتب: "فيروز"، لتجد صوتها يقول لك: "سلّم لي عليه".

2- .. وعندما تشغلك الحياة عن متابعة مباراة مهمة، ثم تذهب بعد نهايتها إلى القناة الرياضية التي نقلتها، فلا تجد سوى تحليل يشبه تفسير الماء بالماء، فما عليك سوى أن تذهب إلى "يوتيوب"، وتكتب اسم أحد الفريقين، ثم تحدد بحثك بـ"اليوم"، لتجد ملخص المباراة كما أردته، ودون أن تتبعثر متعتك في ست جهات.

3- .. وعندما تحتاج إلى محمود درويش أو البردوني أو حتى امرئ القيس، فإنك ستجدهم ـ على "يوتيوب" ـ بشعرهم وشعورهم، قبل أن يرتد إليك طرفك.

4- .. وعندما يتحدث الناس عن هفوة برامجية، أو موقف طريف حدث على الهواء مباشرة، أو حدث لم تلتقطه سوى كاميرا جوال، وتريد أن تراه متجردا من أحكامهم، فإنك ستجد مرادك مجانا على "يوتيوب".

5- .. وعندما، وعندما، وعندما... الخ.

نعم، لقد بات "يوتيوب" خيارا مفضلا على التلفزيون لأنه يهب المتابع ما يريد وما يحب، في الوقت الذي يحب ويريد، ولأنه يحتفظ بكل حسنات الناس وسيئاتهم، وبكل إبداعاتهم و"تقليعاتهم"، لتكون في متناول أعينهم وأسماعهم متى أرادوا، ولأنه يمنح الإنسان الحرية؛ حرية الاختيار والتفضيل، دون أن يكون مجبرا على مشاهدة ما ينغص عليه لحظته، ودون أن يحاول ابتلاع ما ليست لذائقته عليه قدرة، ولذا صار الوقت الذي يأخذه منا أكبر بكثير من وقت "الفضائيات".