في مساء اليوم الذي أقيمت فيه مباراة منتخبنا السعودي مع شقيقه العراقي ضمن مباريات بطولة الخليج لكرة القدم التي تستضيفها مملكة البحرين هذه الأيام، شاهدت كما غيري المقطع الذي شهد انسحاب صحفي كويتي من برنامج المجلس الذي تبثه قناة الكأس القطرية بعد صدام لفظي مع محلل عراقي وصف تمسك الصحفي الكويتي بالخطأ بأنه تصرف أحمق.
المشهد الدرامي الذي قد يبدو للبعض أنه أبعد ما يكون بالواقعي حدث فعلا على الهواء مباشرة وبين أفراد يفترض أنهم أشقاء خليجيون يناقشون أمرا رياضيا اعتياديا وبطولة إقليمية دورية وهو ما يدعو أي إنسان لتوقع أن تكون الأخلاق الرياضية هي السمة العامة للحوار والنقاش العلمي والفني أساسا في لغة إعلاميين ومحللين يروجون لأنفسهم بأنهم مرجعيات في المجال الرياضي.
كان التشنج واضحا أيضا في لغة الجسد وفي العبارات التي لفت الحوارات بين مقدم البرنامج والضيوف والتي أخرجت لنا بعضا من العفن الذي ما زال يعشعش في عقلية البعض نتيجة تراكمات تاريخية ومواقف رياضية وصدامات غارقة في الماضي.
لن أجامل أو أستخدم عبارات مطاطة ولكني سأقول ما خطر في بالي وأنا أشاهد مستوى التشكك والصدامية الذي طوق الحديث والنقاشات، فهناك بالفعل مشكلة في النظر لواقعنا الخليجي من منطلق الوحدة والتماسك بصرف النظر عن كون موضوع التنافس والسعي للتميز وللفوز أمرا طبيعيا، فالتلاسن الذي وقع في ذلك البرنامج وما أعقبه من موجة تبرير واتهام بين الكويتي المنسحب والعراقي الذي وجد مساندة تحولت عند البعض إلى جزء من مؤامرة ضد دولة لصالح دولة لتتعقد الأمور أكثر باجترار خلافات سابقة وليتحول نقاش إعلاميي المجلس إلى "اتجاه معاكس" رياضي أخرج بعض تعفنات الجسد الخليجي وصدرها باعتبارها واقعنا المعاش.
الرياضة كانت وما زالت وسيلة للتقارب بين الشعوب ولكنها كذلك وسيلة تضاد وتنافس وفي أحيان كثيرة سبب للعداء، والسياسة والتاريخ كذلك أدوات ووسائل تتلاقح فيها الأحداث لتكون لنا واقعا ومستقبلا قد ننعم به أو نندم عليه، فقد جسد فيديو كليب قصير أنتج لكأس أوروبا الماضية " EURO 2012: United We Stand" ذلك وأثبت أن الإعلام لديه القدرة على توصيف الواقع كما هو ولكن من خلال الارتقاء به ليحمل رسائل حضارية.