شاكر السليم


وزعت إحدى الجامعات إعلانات على أبواب المنازل خارج منطقتها لاستقطاب الطلاب، وهذا الحرص لأنه لم يكن سوق الدبلومات كاسدا إلا بمزيد من التعقيد الإداري لمنع الطلاب من شهادات البكالوريوس بقوة النظام.

لو فرضنا أن العائد مادي بحت فتلك مصيبة، يتحججون بتسرب الطلاب واختصار مشوارهم في الحصول على شهادة دبلوم تؤهلهم للعمل ولكن غالب الدبلومات لا تتماشى مع متطلبات سوق العمل، ولا تختلف عن شهادات التعليم العالي النظري، وغير صالحة لعدم تناسقها مع دور كليات التقنية.

انتشار الجامعات والكليات والدبلومات دليل قدرة التعليم العالي على استيعاب جميع الطلاب مهما كانت الحجج. لن استغرب إذا تم قبول طالب معدله 75 في كلية الشريعة في مدينة ما، بينما يمنع من معدله 80 في مدينة أخرى في نفس التخصص.

مسقط رأس الطالب ليس معيارا للقبول، ولكنه قد يكون مطلبا ومحفزا لمعادلة أعداد القبول في الجامعات والكليات ورسم المستقبل المهني والتعليمي والتربوي والتنموي، بل والعمراني أيضا.

معرفة مسقط رأس الطالب وعددهم في كل جامعة سيحدد حاجة ديارهم لجامعة أو كليات وليس كلية، لكي لا تتشبع ديارهم بمتخصصين في مجال واحد. عدم حصول الطالب على مقعد في وقت هو أفضل ممن حصل على ذات المقعد لعدم وجود فراغ في جامعة مسقط رأسه، أو لعدم وجود كلية في دياره؛ يؤكد ضرورة دراسة تلك المشكلة وإقرار ابتعاث الطلاب داخليا. استغلال فراغ الكليات وتشجيع الطلاب فرصة لتلافي خسارة الأموال التي يدفعها التعليم العالي وأولياء الأمور، وخطوة لتقنين الأعداد وزيادة فرص القبول.

إيجاد أرضية صلبة ضد التلاعب بالدبلومات على حساب الوطن وأبناء الوطن ودون تقديم مصلحة الأساتذة في الجامعات عندما يقبضون المقسوم من تلك البرامج ضرورة إدارية ووطنية. التقاط هذه الحقيقة ليس عيبا ولا محرما ولا تحديا، ويتلوه طلبان:

الطلب الأول: منع البرامج وحصر التقني والمهني في كليات التقنية، وفتح المجال للطلاب لتكون كل البرامج قابلة للتجسير.

الطلب الثاني: ملء فراغ الجامعات بإقرار برامج ابتعاث داخلي نظير الابتعاث الخارجي لبعض الطلاب كفرصة للتنافس على جميع الكراسي الدراسية، سواء في الجامعات الأهلية أو الحكومية خارج مسقط رأس الطالب، لتتحمل الدولة تكاليف الابتعاث الداخلي كما هو الوضع في الخارجي وكما هو الوضع في المنح الدراسية عبر الجامعات الأهلية.

تحمل التكاليف عن الجميع عبر برنامج ابتعاث داخلي لجميع من ينطبق عليه معيار مسقط الرأس، ودفع المقسوم للطلاب، ودراسة حاجة سكان كل منطقة من المتخصصين؛ مطلب يعزز التنمية بدقة.

ابن المدينة ثم المنطقة مهما كان معدله الموزون والمتكافئ أولى إذا كان التخصص المطلوب مطلبا تنمويا للمكان. فراغ جامعة يحدده عدد الطلاب، فهل يستغل أم يمرر لتبقى بعض الجامعات شبه فارغة؟!