إشارة إلى مقال الكاتب طارق إبراهيم المنشور في "الوطن" العدد 4335 بعنوان: "بادرة جميلة ومؤثرة من هيئة حقوق الإنسان" والذي تحدث فيه عن حقوق العاملة الإندونيسية، أود القول أولا: من ينصف الأسرة السعودية من السحر والهروب؟ وكم خسائر الجانب الإندونيسي مقابل خسائر الجانب السعودي؟ وهل يكتب الكتاب والصحافيون الإندونيسيون عن الممارسات الشاذة للعاملات؟ عفوا أستاذ طارق لم أتعاطف مع مقالتك عن العمالة المنزلية في بيوتنا، فهي تظهر حالات فردية لا تتعدى عدد أصابع اليد الواحدة وتعممها على كل الشعب السعودي، فهل هذا من الإنصاف؟
في السعودية حاليا 2012 وفق أرقام رسمية إندونيسية أكثر من مليون ونصف المليون عاملة منزلية إندونيسية، فإذا افترضنا (فرضا) أن بين هذا الرقم 100 عاملة تعرضن لانتهاك حقوق، هل يجوز عقلا ونقلا وفكرا أن نقول ونكتب كل ما يقال ويكتب عن العمالة الإندونيسية، فهل تعرضت 100 وليس 1000 عاملة لانتهاك حقوق؟ أزعم أن من تعرضن لا يتجاوز عددهن أصابع اليدين..
سيدي الفاضل: مسؤولو اللجنة الوطنية للاستقدام بمجلس الغرف السعودية، يلوموننا نحن الإعلاميين، ووجه لومهم أن ما يكتبه الكتاب السعوديون وما ينشره الصحفيون السعوديون عن حالات (فردية جدا) يجري تعميمه على السعودية كلها، وبالتالي فهو يشكل أوراق ضغط يستفيد منها الجانب الإندونيسي في كل جلسات المفاوضات والمباحثات في سعي الجانب الإندونيسي لجلب أكبر منفعة للعاملة الإندونيسية وقبلها لوزارة العمل والمكاتب الإندونيسية، وكله يدفع من جيب المواطن السعودي. فهل يليق هذا؟ وبحسبة اقتصادية هل بإمكانك أن ترصد خسائر الجانب الإندونيسي ـ إن وجدت ـ مقابل خسائر الأسر السعودية جراء هروب وسحر وعنف وقتل الأطفال من العاملات المنزليات الإندونيسيات؟ كم خسائر كل جانب؟ فقط أحص لنا الخسائر المادية وهي الفيصل؟ إحداهن عملت لديها قرابة تسع عاملات منزليات إندونيسيات على مدى تجاوز ربع قرن، جلهن عملن في دول خليجية وفي الأردن ولبنان، وكلهن أجمعن على أن عملهن في السعودية هو: الأكثر راحة لهن، والأسرة السعودية الأكثر رحمة بهن، والأكثر إنصافا لهن، والأكثر تعاطفا معهن، لكننا للأسف نأخذ حالات فردية من مليون ونصف المليون حالة ونعممها على 20 مليون سعودي.
ولكي لا تستشيط غضبا أقرر أن هناك أسرا شرسة جدا وعنيفة جدا، لكن المهم جدا معرفة كم عدد هؤلاء بين المليون ونصف المليون أسرة تعمل لديها عاملات منزليات إندونيسيات؟ خمس، عشر، 20، 30، وكم تشكل هذه النسبة من مليون ونصف مليون أسرة، ونؤكد هنا أن كل حالات العنف لا تخفى أبدا فكل شيء يعلم به وينشر عنه. الجانب الإندونيسي معه الحق أن يأخذ حالة واحدة ويشتغل عليها ويضخمها ويجعل منها (أم القضايا) وهذا دور وزير شؤون العمالة الإندونيسية لكي يجلب مزيدا من الحقوق والمزايا المالية واللوجستية لعمالة بلده، لكن هل نركب نحن الموجة ونقدم لهم عبر كتاباتنا دلائل وقرائن يستندون إليها عندما يجلس الطرفان على طاولة المفاوضات؟
أمر آخر: هل قرأنا أو سمعنا أن صحفيين إندونيسيين فضحوا في صحف بلدهم أو في صحف أخرى كيف يتم تدريب وتعليم العاملة الإندونيسية قبل قدومها إلى السعودية والخليج العربي، وكم يوما عليها أن تبقى قبل أن تقرر الهروب؟ ومتى تقرر الهروب؟ وكيف تهرب؟ وبمن تتصل لكي يحضر لتهريبها؟ نعم هذا يحصل وأقر به إندونيسيون بأنفسهم مقررين أن هناك عصابات في إندونيسيا لديها ممثلون هنا يهربون العاملات ومن ثم يشغلوهن بالآلاف؟ وفي المقابل وأنت تكتب عن العنف وهضم الحقوق: هل تعرضت الآلاف منهن للعنف وهضم الحقوق من قبل أسرنا؟ هل فضح الكتاب الإندونيسيون مثل هذه الممارسات؟ لم نسمع بهذا من قبل لأن هذا يفضح بلدهم ويضعف موقفه أمام السعودية؟ ألا يعرفون به؟ ألم يسمعوا به؟ لماذا لم يسعوا إلى كشـف مثل هذه العصابات الممتدة من إنـدونيسيا إلى بلدنا؟
قبل سنوات احتاجت أسرة صديق لنا لبعض المساعدة فأعطتهم إحداهن رقم جوال اتصلوا به فأحضر رجل عاملة تعمل بنظام الساعة، وعندما جاء ليأخذها الساعة التاسعة مساء كان صاحبي قد عاد إلى بيته، فخرج له، ويقول صاحبنا: لك أن تتخيل الرعب الذي أصاب السائق الإندونيسي الذي كان يركب سيارة هوندا بيضاء عندما رأى رجلا يقابله؟ وكيف أنه ارتبك وأركب العاملة على عجل وفر هاربا بسيارته. ويضيف صاحبنا: اكتشفت أسرته بعد ذلك أن العاملة سرقت أشياء صغيرة الحجم كبيرة القيمة، بالإضافة إلى أنها تسلمت الأجرة عن العمل بالساعة. السؤال يا أستاذ طارق: هل كتب كتاب إندونيسيون عن مثل هذه الممارسات من أبناء جلدتهم بحق بلد استضافهم؟ هل كتبوا عن الخسائر بمئات الملايين التي تتكبدها الأسر السعودية جراء هروب وسحر العاملات الإندونيسيات؟ بالطبع لم يكتبوا ولن يكتبوا! والمؤكد أن صحفييهم وكتابهم يعرفون عنها ويتم تداول أخبارها.
والمؤكد أن هناك عصابات منظمة يبدأ عملها من إندونيسيا ليصل إلى السعودية ودول الخليج العربي لتنظيم الهروب والسرقة وترويج المخدرات والأخطر ممارسة السحر، وما أدراك ما السحر، وهذا في حد ذاته جريمة إنسانية كبرى. السؤال الآخر: كم نسبة من يتعرضن لدى أسرنا للعنف وهضم الحقوق من مجموع من يهربن ويمارسن السرقة والسحر؟
ومرة أخرى هذا ليس دفاعا بل دعوة لنكن منصفين مع أنفسنا قبل أن ننصف غيرنا منا.
إبراهيم العقيلي