تستلزم أمانة الكلمة المسؤولة أن نطرح على المشرحة تساؤلنا الوطني الشامل والأبرز من فم سواد كل المواطنين: لماذا تتعثر مشاريع التنمية؟ والإجابة بكل التبسيط أن كل مشروع تنموي لن ينهض إلا بجناحين: الإمكانات المالية وكوادر الإدارة البشرية، وكل ما حول الجناحين هوامش ثانوية لأسباب ستذوب وتختفي إذا ما عرفنا أن الخلل الجوهري هو في جناح الإدارة. تستلزم الأمانة مع الكلمة المسؤولة أن نقول بوضوح إن المواطن يلوك على الدوام أسئلة الإشاعات عن التغيير الحتمي لكراسي الإدارة العليا في المشروع التنموي، ويلاحق قوائم (الإنترنت) التي تتنبأ عن تغيير وشيك، وينتظر نشرة الساعة الثالثة من بعد ظهر الجمعة بوصفها موعداً تقليدياً لأخبار التغيير. واسمحوا لي في (استلاف) المقارنة: نادي ريال مدريد يفكر في تسريح العملاق (مورينهو) بعد العثرة في نتائج الفريق. التغيير يحدث التأثير النفسي على المشروع التنموي، وأكثر من هذا يبث الرسالة الأهم إلى المسؤول أن الكرسي مرهون بالإنجاز ورهين لتحقيق النسبة التنموية المطلوبة.

تستلزم أمانة الكلمة المسؤولة أن نكتب على الورق ما يقوله الناس بالجهر.

أمانة الكلمة تستلزم القول إن كل ما فعلناه منذ ثلاثة عقود ليس إلا عمليات إحلال وتدوير. وهنا، ومرة أخرى، اسمحوا لي على استلاف المقاربة: ما فعلناه ليس بأكثر من (توضيب) للماكينة. ومشكلة (التوضيب) أنه يوهم الماكينة بقدرتها على الاستمرار بذات قوة الدفع ولكنه على النقيض لا يدرك أن قوة الدفع تعود للمواصفات الديناميكية قبل ثلاثة عقود خلت. ميكانيكا (التوضيب) لا يمكن لها إدارة ناتج محلي عملاق بتريليوني ريال في العام بذات (الماطور) الذي كان يدير ربع هذا الناتج في فترة خلت، حجم الإمكانات أكبر من قدرة الماطور، ولهذا يبدو إحداث الصدمة حتمياً للمرحلة القادمة.