استحضر الإريتريون ملامح ثقافتهم وحضارتهم، خلال احتفال أبناء مدينة مصوع الإريترية المقيمين في جدة بعيد الفطر المبارك أول من أمس، وذلك عبر محاكاة لمناسباتهم وتراثهم.
وشمل الحفل بعض الرقصات الإريترية وطريقة إحياء الأعراس، وما يشملها من زفة وألحان وأهازيج وعادات وتقاليد مصاحبة لذلك وفقا للتراث الإريتري، فيما تمركزت خارج قاعة الاحتفال الأنشطة التعبيرية الأخرى للمعايدة الجماعية كالمعارض التعريفية وأبرز الملبوسات والأدوات التراثية.
وعلى الرغم من أجواء العيد التي صاحبت الاحتفال، إلا أنه لم يغب عن أهالي مصوع الحديث التاريخي عن مدينتهم التي وصفوها بأنها "مدينة الحضارات المختلطة"، فكان حديث "الطاولات" يشير إلى "المكانة الإستراتيجية" للمدينة في مواسم الفتوحات الإسلامية المتجهة إلى القارة الأفريقية، وعبرها عبرت الثقافات الإسلامية والكولونيالية وأسسوا على ضفافها حضارات مختلطة.
الشباب الإريتريون الذين ولدوا في المملكة وهم الجيل الجديد لم يجدوا بدا من الاستعانة بـ"الأجهزة الذكية اللوحية" للإدلاء بشهاداتهم التاريخية والثقافية عن مصوع، قائلين "المدهش أن الثقافة الكولونيالية ظلت كذلك موجودة كما نراها اليوم في أسماء الأحياء وفي فن العمارة وأبواب المدن القديمة والنوافذ الخشبية ذات الطراز الحجازي والفراغات الهندسية المفتوحة والمغلقة في أشكال مختلفة منحوتة في الأبواب والنوافذ القديمة، وهي تعكس لنا ببعدها الجمالي كيف كان الناس يرون الأشياء من أماكن بعيدة، وحتى يومنا هذا ما زالت تزين العمائر تلك النوافذ التي تعرف بالرواشين".
أما الجيل القديم من الآباء الحاضرين في المعايدة فذاكرتهم التاريخية لم تشخ، واصفين جزيرة مصوع ببعض أسماء الأماكن التي تنوع فيها الفن التركي والصور الإيطالية والأوروبية لتوثق ذاكرة المكان التي عبرت عبره الثقافات التي حكمت القرن الأفريقي.
وقال أحمد أمير منسعاي :"إن الإرتريين يجتمعون مرة كل عام لتبادل التهاني والتبريكات بمناسبة عيد الفطر المبارك"، مشيرا إلى أن المعايدة الجماعية تتضمن سنويا تنفيذ فقرات اجتماعية وترفيهية تكون مطعمة بتكبيرات العيد، لكن هذا العام جاءت المعايدة مغايرة حيث تم تنفيذ عدد من عادات وتقاليد الأعراس الإريترية وذلك بهدف تعريف الشباب بالمورث الثقافي.
من جهته، قال حامد قولاي، صاحب مبادرة المعايدات "إن هذه اللقاءات تترك أثرا إيجابيا في النفوس، وتسهم في بث الفرحة في القلوب، مضيفا أن هذه المعايدة هدفها تقوية أواصر المحبة والأخوة بين الجميع، وفي الوقت نفسه تشكل استهلالا طيبا لمزيد من العطاء عقب انتهاء شهر رمضان المبارك. يذكر أن مصوع هي إحدى مدن إريتريا المطلة على ساحل البحر الأحمر. وسبق أن خضعت المدينة لاستعمار عدة بلدان منها مصر والدولة العثمانية وإيطاليا وبريطانيا وأخيرا إثيوبيا، حتى عام 1991 حين نالت إريتريا الاستقلال.
وكانت مصوع عاصمة لمستعمرة إريتريا الإيطالية حتى تم تحويل العاصمة إلى أسمرا في عام 1900. وتتميز المدينة بمزيج سكانها، ومن أشهر ملوكها بشر بن مروان.