لا يختلف اثنان على أن الشيخ محمد متولي الشعراوي (رحمه الله)، كان أحد أبرز العلماء الذين قدموا خدمات جليلة للإسلام والمسلمين خلال القرن الماضي، الأمر الذي يحتم علينا حينما نسمي جائزة باسمه، أن توضع في الحسبان قامة هذا الشيخ والعالم الكبير.

ولا أحسب أن الجائزة التي أعلن عنها مجمع اللغة العربية بالقاهرة تحت مسمى (جائزة الشيخ محمد متولي الشعراوي) وموضوعها (حقوق المرأة في القرآن الكريم)، تتناسب وقامة الشيخ الراحل، ولا أعتقد أن هناك من الأعذار ما يبرر ضعف قيمة الجائزة (وأعني القيمة المادية التي هي جزء أصيل من القيمة الأدبية والمعنوية) التي لم تتجاوز ثلاثة آلاف جنيه للفائز الأول (!)، وألفي جنيه للفائز الثاني (!)، ليتساوى بحثٌ علميٌ لا يقل عن مئة وخمسين صفحة ولا يزيد عن مئتي صفحة (حسب شروط الجائزة) مع جوائز يحصل عليها مشاهد مُغرَّرٌ به أمام العديد من الفضائيات حينما يعرف (من الذي أحرز الهدف في هذه اللقطة؟)، أو (كم عدد أجزاء القرآن الكريم؟)، أو (من يكتشف ما اكتشفه كرومبو؟)، أو (هل صفار البيض أبيضٌ أم أبيضاً؟)!.

هل يُعقل أن يوضع اسم الشعراوي (أشهر شارحي معاني القرآن الكريم في العصر الحديث) على جائزة قيمتها خمسة آلاف جنيه؟!. ومن من العلماء أو الباحثين أو حتى الطلبة الذين ما زالوا في طور التحصيل الأكاديمي سوف يشارك في جائزة هذه قيمتها؟!.

والله لو كنت أحد أبناء هذا الشيخ الفاضل لمنعت بالقانون أو بغيره استغلال اسم (الشعراوي) على هذا النحو مهما كانت الأسباب!.

ثم كيف يرضى رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة الدكتور محمود حافظ، وهو عالم جليل، وكيف يقبل أمينه العام فاروق شوشة، وهو الشاعر واللغوي الكبير، أن يُستغل اسم الشيخ الشعراوي (زميلهما المختار عضواً في المجمع) على هذا النحو المخجل؟!.

مجمع اللغة العربية بالقاهرة مطالب بتصحيح هذا الوضع المادي للجائزة، والذي يسيء بلا أدنى شك لشيخ أفنى عمره كله لخدمة دين الله، وإن كان المجمع غير قادر على منح العلم والعلماء ما يستحقون، فعليه أن ينقذ اسم الشعراوي من هذه الجائزة، التي جاءت بمثابة من أراد أن يمدح فهجا!. فإما أن نكون قادرين على تكريم علمائنا بما يليق، أو أن نترك صورتهم ناصعة في قلوب محبيهم وتلامذتهم!.

ثم ألم يفكر أحد في المجمع أن قيمة هزيلة كتلك تسيء إليه هو أيضاً؟!.