هكذا دون أي اعتبار إنساني، ديني، اجتماعي، رفع الرجل صوته أمام الملأ، ليخبر الناس أن دعواته شقت عنان السماء وأصابت رجلا وتسببت في وفاته، أو كما قال "دعوت عليه وأصابه السرطان ولله الحمد".

سنقبل أن يتعادى شخصان ويدعو أحدهما على الآخر، أما أن يصل الأمر إلى قوله "الحمد لله" على أن كان دعاؤه سببا في إصابة شخص مؤمن بالسرطان ووفاته فتلك لعمري فاجعة كبرى، يبرأ منها كل مسلم.

وقف الجميع طويلا أمام هذه الواقعة.. وما يعرفه العامة قبل رجال الدين، أن الحمد لا يكون إلا احتسابا للأجر عند المصيبة، لكن الرجل الداعي كان يحمد الله متباهيا بقدرته في الدعاء على من استعدى وإصابته للهدف.

يقولها هكذا دون أن يراعي مشاعر أهل الرجل الذي توفاه الله منذ سنوات، وللأسف لم يعتذر عنها، وللأسف أيضا، هناك من يبرر له قوله ويدافع عنه، رغم ترجيح جمهور أهل العلم ومنهم الشيخ ابن باز عدم جواز الدعاء على المسلم، وإن كان ظالما.

حسنا، إذا كان الشيخ "الداعي" يعتقد جازما أن مرض غازي القصيبي كان بسبب دعواته عليه، وأن دعوته صائبة لا محالة، فنحن فعلا في أمس الحاجة إليه ليصب جام دعائه على اليهود المغتصبين.

ولعله يشفق قليلا على الجيش السوري الحر الذي أعياه القتال منذ سنوات، ويرفع يده مشكورا بوابل من الدعوات على بشار الأسد لعله يصاب بمرض عضال ويموت وتتوقف آلة القتل التي تبيد البشر يوميا.

المفارقة أن هذا يحدث، في وقت يطالب فيه أكاديميون ومختصون في التربية وعلم النفس بتدريس سيرة الدكتور غازي القصيبي، لعلمهم أنه أيقونة من العلم والأدب والخبرة والنزاهة، وهو ما سيحدث بأمر الله.

ثم قال قبل أن يمضي:

يعادون رب العالمين بفعلهم * وأقوالهم ترمي المصلين بالكفر

غازي القصيبي