وأنا أشاهد أحد البرامج الحوارية في إحدى قنواتنا التلفزيونية، وهو يستضيف مجموعة من طلابنا المبتعثين للدول الغربية، ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، لفتت نظري جزئية مهمة جدا أجمع عليها ضيوف اللقاء عندما تم سؤالهم عن أبرز إيجابيات الابتعاث فأجمعوا على أن النظام وصرامة تطبيقه في تلك الدول من أكثر الإيجابيات فيها، ومن أكثر ما نال إعجابهم واهتمامهم، وهذه ـ بلا شك ـ إضافة رائعة لأبنائنا المبتعثين ستخلق ثقافة مهمة لمجتمعنا حال عودة آلاف الطلاب إلى أرض الوطن.
ولكن السؤال الكبير الذي نطرحه على أنفسنا جميعا؛ ألا يوجد لدينا نظام مراقبة ذاتية لجميع تصرفاتنا الحياتية في الشارع والعمل والمنزل، بل في المجتمع بأكمله؟ ولماذا نشاهد تصرفات يومية غير مسؤولة؟ والأدهى والأمر أن البعض يفاخر بها، فلا تستغرب أن تجد سيارة أمامك عاكسة للشارع وأخرى قاطعة لإشارة المرور وراكبا يرمي من شباك سيارته مخلفاته على المارة أو أعقاب السيجارة وهي مشتعلة دون النظر لخطورة ذلك وقد تجد شارعا مقفلا من أحد المواطنين لإضافة أو إصلاح منفعة له ولم يأبه بضرر قفل لشارع على الآخرين وقد تجد آخر يتخطى الآخرين في طابور الاصطفاف في المشفى أو البنك أو أي مرفق خدمي وحتى عند كاشير التسوق, وقد تجد موظفا مقفلا لمكتبه أمام المراجعين بحجة اتصال مهم أو يتعامل معهم بكبرياء دون مراعاة لإنسانيتهم وقد يطلب منك مراجعته بعد أسبوع أو شهر رغم أن دقيقة واحدة قد تنهي معاملتك! وقد تجد آخر متأخرا بعدة ساعات عن عمله عدا الغياب المتكرر.. فإذا لم يكن لدى المخالف مراقبة ذاتية تحد من هذه التصرفات والمخالفات فلا بد من صرامة النظام لحفظ الأرواح والمحافظة على الذوق العام وزيادة إنتاج العمل وهذه تعاليم شريعتنا الغراء أخذها غيرنا فغيروا مسار حياتهم ومجتمعاتهم وأصبح تطبيقهم للنظام قدوة لشبابنا، وهجرناها فقل إنتاجنا وعطاؤنا وكثرت أخطاؤنا ومخالفاتنا, فهل يعيد لنا المبتعثون قيمة فقدناها رغم أننا أهلها؟