مخجل جداً، بل من العار الأكاديمي على جامعة سعودية أن تسمح لأستاذ جامعة أن يوزع ورقة الامتحان إلى مئة طالب بعشرة أسئلة تتهم قطاعاً كاملاً من الخريطة الوطنية بالضلال والبدع والشرك قبل أن يأتي إليها الداعية الشهير ليأخذهم من الظلمات إلى النور. مخجل جداً أن تسمح جامعة سعودية لمثل هذا الثلاثي (الأستاذ والكتاب والمادة) كي يتعلم آلاف الطلاب عن وطنهم هذا التزوير الممنهج للتاريخ وهذا التكفير العلني لشريحة واسعة من أبناء هذه الأرض، ثم تمر القصة برمتها دون سؤال أو محاسبة. مخجل جداً أن يتداول أبناء هذا الوطن هذه الورقة العنصرية من أسئلة امتحان في مواقع التواصل الاجتماعي بينما الجامعة والتعليم العالي نائمون في (الزبدة) ومخجل أن يكون المجتمع الذي رفض بأكمله هذه الورقة أكثر وعياً من الجامعة التي سمحت بهذا العبث من أستاذ جامعة ومن كتاب مطبوع مقرر بين يدي هؤلاء الطلبة.
دعونا الآن نودع اللغة العاطفية إلى لغة جادة: ما المصلحة العامة أو العلمية التي تشحن بها جامعة سعودية آلافاً من طلابها يمرون على هذا الأستاذ وهذا الكتاب وذلك المقرر؟ ما الآليات الأكاديمية التي وافقت بموجبها أقسام الكلية ومجلسها وكذا مجلس الجامعة على إقرار هذا المنهج واعتماد هذا الكتاب بكل ما فيه من التجاوزات ومن التزوير للوقائع التاريخية؟ هل عرض هذا الكتاب المقرر، كما تقتضي أعراف الجامعة، على اللجان والمتخصصين قبل اعتماده كمقرر أكاديمي؟ هل يعلم عميد الكلية ورئيس القسم المتخصص عن تدريس هذا الكتاب كمقرر، ناهيك عن السؤال الأساس: هل قرأ هؤلاء ورقة الأسئلة بكل ما فيها من التكفير ونعوت الإقصاء والتصنيف المبنية على خيالات باطلة؟ هل يعلم كل هؤلاء الرسميون بخطورة هذا التدريس العلني في أروقة الجامعة للقذف والتكفير والاتهام بالشركيات والضلال والبدع؟ هل تدرك هذه المؤسسة الرسمية من الجامعة مسؤوليتها عن نظرة الشك في العقائد وهل ستدرك أنها أساس الشجرة التي لم يكن هذا الثلاثي في (الأستاذ والكتاب والمقرر) إلا الثمرة؟ هذا هو المنهج المعلن فماذا عن كوارث المنهج الخفي؟