أكثر ما يستفز أم حمدان لجوؤها في هذه الأيام إلى مسايرة ولدها الصغير خالد الذي سيحل ضيفا على أحد المدارس الابتدائية طالبا مستجدا حيث تقول: أحيانا أضطر إلى الكذب والمجاملة لأساير طفلي لقبول المدرسة، وأعلم تماما مدى الضغط النفسي الذي سيحل بي في الأسبوع التمهيدي لبداية الدراسة الفعلية للطلاب. وتابعت: تزداد المعاناة في ظل غياب والده الذي يعمل في غير المنطقة، واستطردت قائلة: سبق وأن لجأت إلى هذا الأسلوب وهو أسلوب المسايرة مع ولدي حمدان، إلى أن استطعت إقناعة بحب المدرسة ولكن بعد معاناة دامت لستة أشهر.
ولاتزال أم حمدان تذكر اعتمادها لهذا الأسلوب خاصة مع طفلتها أريج التي انتقلت هذا العام للصف الخامس حيث تقول: أضطر أحيانا إلى مسايرتها، وتحمل تصرفاتها المزعجة في الأسبوع الأول من بداية الدراسة، إلى درجة أنها (تقصد ابنتها) اعتبرت بأن مسايرتها نوعا من أنواع الضعف لدي، وزادت من تصرفاتها المزعجة وغير المرغوبة إلى درجة منفرة.
أم حمدان استطاعت وعلى الرغم من الظروف التي تحيط بها ومنها غياب زوجها إلى مسايرة أبنائها في بداية الدراسة خاصة المستجدين كما ذكرت مسبقا من خلال تجاربها، وروضت الظروف لصالحا بإتقانها لفن المسايرة، بيد أن أم بدر لم تكن كذلك، وتختلف عن سابقتها، حيث تفقد السيطرة على أعصابها، فلم تستطع مسايرة طفلتها بدور أثناء دخولها المدرسة في العام الماضي طيلة الأسبوع التمهيدي على الرغم من وجودها معها لليومين الأولين، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بحسب ما ذكرت أم بدر بل أن الطفلة تتعمد استفزازها لأنها (أم بدر) استطاعت التغاضي ومسايرة تصرفات ابنتها لفترة وجيزة، حيث تقول: توقفت عن مسايرة طفلتي في اليومين الأولين للأسبوع التمهيدي، نظرا لأنها أصبحت تفتعل التصرفات غير المرضية، التي أحرجتني مع المعلمة، وتابعت أم بدر قائلة: أخذت عهدا على نفسي بأن لا أسايرها بعد تلك التصرفات، وانتهجت معها أسلوب الشدة والقمع إلى أن انضبطت في الدراسة ولكن النتائج كانت سلبية، حيث لم تفلح في رسم الحروف الهجائية ونطقها، وأدركت بأن للمسايرة خاصة مع الأطفال عظيم الأثر الإيجابي إلى حين تجاوز شهر على الأقل من بداية الدراسة.
من جانبها أكدت المشرفة التربوية مزنة الرويلي بأن الأسبوع التمهيدي ماهو إلا تمهيد للطالب المستجد لكي يقبل التغير الذي يستجد في حياته، وقالت: قد لا يتقبل بعض من الطلاب المستجدين الانفصال عن ذويهم في هذا العمر ومن هنا تأتي أهمية التهيئة والاستعداد من خلال الأسبوع التمهيدي الذي تحرص عليه جميع المدارس لما له من الأهمية البالغة في ترغيب الطالب المستجد في الجو المدرسي، وتابعت الرويلي قائلة: المسايرة فن من الفنون التي تتطلبها بعض المواقف الحياتية لاسيما مع الأطفال، وتابعت: الشدة لا يمكن أن تؤتي ثمارها في مثل تلك المواقف لا سيما أثناء دخول الطالب للمدرسة مستجدا.
وتجد أخصائية علم الاجتماع مطيعة الغامدي أن طبيعة العلاقات الاجتماعية مختلفة فلكل شخصية ما يناسبها من التعامل، وقالت الغامدي: المسايرة قد يضطر إليها الفرد بعض الأحيان لكي يساير مجريات الأمور، أو لربما كان اللجوء إليها من باب إقناع شخص آخر بأمر فيه مصلحة له، وتابعت: في كثير من الأحيان قد يفسر الأطفال مسايرة أهلهم لهم بأنها نوع من أنواع الضعف، وهذا ما يقودنا إلى سلوك غير مرغوب وهو فرض الرغبة من قبل صغار السن، وهو ما نسميه بالدلال الزائد، ونصحت الغامدي الأهالي بأن يعتمدوا أسلوب المسايرة دونما تفريط ومبالغة فيه، وقالت: المسايرة إذا ما خرجت عن الأطر المحددة لها فإن النتائج ستكون عكسية ومضرة.