لخمسة أيام، أبحرت إلى الواقع المخيف في تقارير المتميز، تركي الصهيل، وهو ينشرها تباعاً في الزميلة "الشرق الأوسط" من الحدود السعودية اليمنية. حاولت أن أجمع الأرقام ثم اكتشفت أنها آلاف مربعة من كل شيء: بالآلاف هي حجم المضبوطات السنوية من رشاشات الكلاشينكوف وكأن هذه الأسلحة الآلية ستعرض غداً في محلات لعب الأطفال.
بالآلاف هي أيضاً أطنان نبتة ـ القات ـ رغم أن المضبوط لا يشكل نسبة تذكر من آلاف الأطنان التي تجاوزت الحدود في عام واحد. بالآلاف أيضاً هي حبات الكبتاجون المخدر وكلها بحسب الأبطال من رجال حرس الحدود في عام واحد. ومن يصدق أن عاماً واحداً فقط من مضبوطات هذه الحدود قد اكتشفت أو قبضت على عشرة آلاف مهرَّب في شتى الاختصاصات والممنوعات، ومن يصدق أن هذا العدد المخيف بتشكيل لواءين عسكريين كاملين إنما يستهدف أجسادنا وعقولنا بل حتى دماءنا، بدءاً من رصاصة الكلاشنكوف وانتهاء بغصن القات مروراً على حتى آلاف القنابل، وآلاف الحبوب القاتلة المدمرة.
وكل ما سبق من آلاف الأطنان يبقى هيناً رغم الفداحة بالمقاربة مع الآلاف المختلفة التالية: ستون ألف طفل أقل من سن الخامسة عشرة، وسوادهم من النساء يتم تهريبهم في عام واحد بكل ما لهذا الرقم من واقعه المخيف الذي يتعدى بكل المقاييس مسألة التسول ـ سبعمئة ألف هو حجم التسلل الكمي للحدود ما بين البلدين وهو رقم لوحده يتعدى ضعف حجم التسلل الكامل إلى دول الاتحاد الأوروبي. ثلثا مليون كاملة هو حجم المضبوط فقط من المتسللين في الداخل بكل ما لهذا من ضغط على الخدمات الأساسية المقدمة في الأساس للمواطن وللمقيم النظامي.
أنا لا أتحدث عن العواقب الاجتماعية والثقافية والأخلاقية. هذه الأرقام المخيفة لا تحتاج بعد هذا السطر إلى كلمة إضافية.