أتابع باهتمام كبير برنامج روايا "اليوتيوبي" منذ بدئه الأول.. أتابعه بالعاطفة والعقل معا؛ بالعاطفة لإعجابي بشباب ممتازين من مدينتي يحاولون تقديم عمل جيد، وإن لم يكن مختلفا عن نظائره، وبالعقل لأنني أريد أن أقول لهم شيئاً أو أشياء تجعلهم أشد تأثيراً، وأكثر اختلافاً، انطلاقاً من أن الإبداع في جوهره هو ألا يضع لاحق قدمه على أثر سابق، وإن كان له أن يفيد من السابقين.

في "رَوَايا" يمتلك الشاب المبدع صالح أبو عمرة "الكاريزما" اللازمة لأداء مثل هذا العمل، ويختلف عن سابقيه باللهجة اللذيذة التي تتنازعها طريقة أهل أبها في الكلام، وأسلوب رجال الحجر في الأداء.

وفي "رَوَايا" تبدو الأمور الفنية جيدة إلى حد ما، باستثناء الصوت الذي أجده منخفضا في كل مرة، وربما كان ذلك لضعف في سمعي، أو سماعة جهازي.

وفيه يمكن تقديم أفضل مما هو كائن، وهذا هو مربط كل شيء؛ ففي الحلقة الثالثة، كنت أتمنى ألا تُجتر أحداث قديمة لاكتْها الألسن، وجلدتْها "الكيبوردات"، وأتعبتْها الكاميرات، من مثل: "رح اشتر"، و "توكل على الله"، لأنها مواقف قد خلت، ولم تعد استعادتها ـ بأي شكل ـ تشكل إضافة، بل إنها تشي بالتقليد الذي نريد تبرئة "رَوَايا" منه بأي طريقة.

"رَوَايا 3" ألمحت إلى المطبلين ـ على غير هدى، ودون امتلاك الأدوات ـ لمسؤولي "أيتام جازان" المقصرين، لكنها لم تكشف عنهم الغطاء، وكان يمكنها أن تستعين بصورة صفحة واحدة من صحيفة محلية، لتقول: هؤلاء هم المطبلون بحبرهم وورقهم، فضلا عن أنها لم تشر إلى الكاشفين الأوائل عن المأساة، وما آل إليه حال "أيتام جازان"، بعد القول الثقيل، والصور الناصعة التي نشرتها "الوطن".

وفي كل الحالات، فإن "رَوَايا" يستقي مادته من مكان خصب، ولهذا البرنامج ـ بشيء من الدقة في الإعداد، وقليل من الاستعانة بذوي الرأي والرؤية ـ أن يكون ناقدا شعبيا ومثقفا في آن واحد، بمعنى أن يكون أكثر عمقا، وأقرب إلى القلوب، وما ذلك على المبدعين بصعب.

ما زلت أراهن على "رَوَايا"، وفريق عمله، ولنا في القادم آمال، فوقها آمال.