كثيراً ما يتم تداول مصطلح "الخصوصية" بين فئات المجتمع بين عارف محب ومتسائل ينشد الحقيقية ومتشدق ينشد الوجاهة.. والواقع الذي تبينه الشواهد أن لبلادنا فعلاً خصوصية يعتز بها كل فرد فيه.. وإذا لم يكن لبلادٍ هي مهبطُ الوحي للدين الأوحد لعموم الناس على الكرة الأرضية خصوصية، فلمن تكون الخصوصية؟ وإذا لم يكن لبلادٍ تحتضن الحرمين الشريفين، بيت الله الحرام ومسجد رسوله محمد صلى الله عليه وسلم خصوصية، فلمن تكون الخصوصية؟ وإذا لم يكن للبلادِ التي يتجه لها الناس في كل الكرة الأرضية خمس مرات يومياً خصوصية، فلمن تكون الخصوصية؟ وإذا لم يكن للبلادِ التي تكاد تكون الوحيدة التي تطبق الشريعة الإسلامية كنظامٍ يُحتكم إليه في محاكمها، فلمن تكون الخصوصية؟ كل ذلك نِعَم تفضل بها الله علينا دون سائر البلاد جعلت لبلادنا خصوصية نشكر الله عليها وندعوه جلت قدرته أن يهيئ لنا سُبُل حفظها.. هناك من بني قومي من لا يدركون حساسية المرحلة وأهميتها وضرورة العمل على تكريس اللحمة بيننا معشر المواطنين لهذا البلد الكريم وينكرون خصوصيته ومكانته.. ليس هذا فحسب بل بالتأثير على الآخرين بتلك الأفكار التي تهدم لحمتنا وتصدع وحدتنا وتدمر مكتسباتنا بدون وعي، بل بنظرة قاصرة لما ستؤول إليه تصرفاتهم في الوقت الذي يُفترض، ونحن في هذه المرحلة، أن نشد من أزر بعضنا بعض.. ونقوي بعضنا بعض.. في كل الأحوال.. نناقش بوعي.. وننتقد بفطنة.. محافظين على ثوابتنا ووحدة وطننا ولحمته.. وأنا أدعو أن كل من يظهر منه خطر على ثوابتنا ووحدتنا ولحمتنا يجب أن يوقف عند حده.. ليس من الدولة فقط بل نتصدى له جميعاً كأفراد مجتمع محافظين على وطننا بكل ما فيه..

لا شك أن هناك مشكلات ونواقص.. وهي ستبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.. والحكمة تقتضي أن ننتقد وفي ثنايا نقدنا نقدم البديل القابل للتطبيق.. لا البديل المشابه لنظرية غليان ماء المحيط وقصتها المعروفة..

لا بد أن ندرك أن لنا مكتسبات تم إنجازها.. وتطويرا تم تحقيقه.. ولا شك أننا نحتاج إلى المزيد..لكن لا بد أن ندرك أيضاً بوعي كامل ما معنى أن يفقد الوطن كل ذلك.. لا بد أن ندرك ماذا يعني الموقف الذي نتخذه والفكر الذي نبثه وما سينطوي عليه، وهل هو في صالح الوطن أم ضده؟.. لا بد أن نقف خلف الوطن في قيامه وانتكاسه في سلمه وحربه ..في صوابه وخطئه.. نذهب معه في كل الظروف ونعود معه في كل الأحوال.. نقف خلف قيادته في هذه الظروف الحساسة في صوابها وخطئها.. نحافظ على لحمة الوطن وتماسكه. نقف سداً منيعا لا يمكن اختراقه من كائن من كان.. هنا نضيِّع الفرصة على الحاقدين والحاسدين والأعداء..عندما نتحدث عن الخصوصية ينبري البعض لنبش الأخطاء وإبرازها والتحريض.. وكل ذلك يؤدي إلى تشويه الصورة وكسر اللحمة وسهولة الاختراق وضياعنا جميعاً.

من العاقل الذي يرغب أن تؤول بلادنا إلى ما آلت اليه الدول التي يُقتَّل أبناؤها بجيش بلادها وسلاح بلادها وأيدي أبنائها؟ هل تستجيب للدعوات الشيطانية التي ترهبك فكرياً وتضعك بجنبها في هدم الوطن ومكتسباته وتستخدمك لأغراضها؟

كل ذي نعمة محسود.. نحن مع بلادنا قلباً وقالباً في الخير والشر.. مع بلادنا في السلم والحرب.. مع بلادنا في الضعف والقوة نذهب معها ونعود معها.. هذا هو الدور المناسب في هذا الوقت ..وإذا كان الوطن قد احتاج لهذا الدور في السابق فهو أشد حاجة له الآن.. دورنا ألا نستجيب لمن يستدرجنا ضد وطننا.. دورنا أن نتصدى لدعوات الانقسام والتشرذم عبر مواقع التواصل الاجتماعي للعون على أهلنا ووطننا.. دورنا أن نحمي الوطن من أن ينزلق إلى أوضاع تُسلب فيها الحقوق.. دورنا أن نكون واعين في مواقع التواصل الاجتماعي وفي المجالس والمنتديات التي تستجلب الفكر المعارض وتشد على أيدي أصحابه وتشيد بهم وبشجاعتهم.. دور المثقف أن يعي تمام الوعي أننا نعيش في ظروف مختلفة وحسَّاسة ينشط فيها المتربصون بنا.. ويحتال فيها أعداؤنا باستخدام شتى الوسائل والحيل لاستدراجنا نحن المثقفين بطرق بارعة وأساليب شيطانية ظاهرها الدسم وداخلها السم الزعاف، حتى تتحقق أمنياتهم بتمزيقنا وتحطيمنا وتفريقنا.. لنكون نحن في النهاية الخاسر الأعظم.. دور المثقف أن يعرف طرق الاختلاف وأنواعها ثم يسلك الطريق الذي يؤدي إلى الإصلاح مع الحفاظ على اللحمة وعلى المكتسبات.. دور المثقف أن يعرف أن هناك اختلاف تضاد يؤدي إلى المواجهة وتكسير العظام .إن هذا النوع من الاختلاف شيطاني لا يؤدي إلى تقويم الإعوجاج بل إلى التفرقة.. ونوع آخر هو اختلاف التنوع الذي يعني أننا نتفق على الأهداف ونختلف على كيفية الوصول إليها.. وهذا هو نوع الاختلاف الذي ننشدة مع حكومتنا لنقول لها رأينا بكل حكمة واحترام أن ما نراه لا يؤدي إلى الهدف الذي ننشده جميعاً وأن لدينا البديل.. دور المثقف أن لا ينزلق في المنزلقات الخطرة وينضم إلى فرق التشرذم والانقسام.. نعم نعرف أن لدينا أمورا نختلف على كيفية حلها.. ونعرف أن لدينا ملفات صعبة نختلف على طرق التعامل معها.. لكن ما نراه وما نسمعه وما نقرؤه حوله يؤدي إلى مشكلات أكبر وأصعب من هذه الملفات.. العالم يعيش ظروفا حساسة وإننا مستهدفون وأن مثل هذه الملفات تستغل.. نعم تستغل ويستغل مثلها بفكر منظم وبلاغة في الطرح حتى تبدو بلادنا ويبدو قادتنا في صورة مشوهة لا تكشف الحقيقة.. هذا ما أعنيه..

وخلاصة القول؛ إن لبلدنا خصوصية يراها الحكماء والموضوعيون والمحبون وأصحاب الصدور السليمة.. ومن يقول غير ذلك فهو مجادل بغير حق ولا يريد لهذا الوطن الخير.. نحن لا نتحدث عن الأخطاء ونقدها.. فهذا مهم بالطريقة التي تكفل معالجة تلك الأخطاء ولا تؤثر على لحمة الوطن.. بالطريقة التي لا يتم فيها تجاوز المنجزات وتضخيم الأخطاء.. فعل ذلك أمر خطير..يجب التصدي له منا كمجتمع.. إننا في مرحلة حساسة يجب فيها أن يتم التصدي لأي موقف خطر لكائن من كان.