قبل أيام، عرضت إحدى الفضائيات، برنامجا مدّته ساعتين، عن المخرج السينمائي العبقري الراحل عاطف الطيّب، ولعل معظم الناس لا يعرفون من هو عاطف الطيّب، لكني أقول من لا يعرف عاطف الطيّب فهو لا يعرف السينما المصرية.
لو لم يمُت عاطف الطيّب وهو في عزّ شبابه، لنافست السينما المصرية نظيراتها في العالم المتقدّم بقوة، ولحق لنا أن نُفاخر كعرب، باسم عاطف الطيّب، وسينما عاطف الطيّب، وإبداع عاطف الطيب.
عاطف الطيّب، هو من تلامذة يوسف شاهين، لكنه كغيره من التلاميذ المبدعين، استطاع أن يختط له خطا سينمائيا يميزه عن غيره من المخرجين العباقرة، بما فيهم أستاذه يوسف شاهين نفسه، وهو في ذلك مثله مثل غيره من تلاميذ شاهين الأذكياء، أمثال محمد خان وداود عبدالسيّد وخيري بشارة وشريف عرفة وتيسير نصر الله، الذين خرجوا من عباءة شاهين، وتميّزوا وانفردوا.
الذي يميز سينما عاطف الطيب، أنها أخذت الإنسان هما لها، ومحورا لكل تعاطياتها، فمن منا لم يصرخ مع أحمد زكي في فيلم البريء، صرخة الظلم والقمع تلك، التي ظلت، بعد رحيل عاطف، وبعد رحيل أحمد زكي، وحتى بعد رحيل نظام ديكتاتوري هو نظام حسني مبارك.
في أفلامه، بل روائعه: (الحب فوق هضبة الهرم) و(الهروب) و(دماء على الإسفلت) و(ضد الحكومة) و(جبر الخواطر)، وغيرها، كان الهم الإنساني العربي، هو الشغل الشاغل لذهن عاطف الطيب، فتصدّى بالكاميرا، للفساد الاقتصادي والمجتمعي والسياسي، في البلدان العربية، وكأنما كان عاطف الطيّب يقرأ الربيع العربي، قبل أن يحدث، وقبل أن يموت، دون أن ينزل لميدان التحرير مبتهجا، بانتصار ثورة أفلامه العشرين، التي قالت: لا، قبل أن تقولها الشعوب العربية بعد موته.
عاطف الطيّب:
المخرج الذي نزل لميدان التحرير بعد موته.