في الوقت الذي تعاني المكتبات العامة من غياب شبه تام للزوار خلال الأيام العادية، أصدرت وزارة الثقافة والإعلام قرارا بأن تكون أبواب المكتبات العامة في المملكة متاحة لجميع الزوار خلال أيام عيد الفطر المبارك.

فهل يحتاج الناس للمكتبات العامة في أيام الأعياد؟ وما هي علاقة المثقفين بهذه المكتبات؟ وكيف يرون هذا القرار؟

حول هذا الموضوع، يرى الناقد والكاتب حسين بافقيه أن المكتبات العامة بحالتها هذه يصعب أن تؤدي دورها، وينبغي على الوزارة أن تعيد النظر فيها مع ثورة الاتصالات الهائلة.

وأضاف "ليس من الضروري أن تكون المكتبات ذات رفوف متمددة طويلا، إنما يغني عنها تأسيس مكتبات إلكترونية مثلما هو حاصل في الإمارات ومصر، بحيث يكون هناك مكتبات رقمية تضم عشرات الآلاف من الكتب".

ويكمل بافقيه "ما هو موجود في المكتبات العامة لا يؤدي الغرض، والمواطن لا يزورها في الأيام العادية فكيف يمكن أن يزورها في أيام الأعياد".

وعن علاقته بالمكتبات العامة يقول "ليس لي أي علاقة ثقافية معها لأنها ذات إمكانات ضعيفة للغاية، فما أحتاجه من كتب أوفره بطريقتي الخاصة عن طريق المكتبات التجارية والخاصة، ومعارض الكتب"، مؤكدا أن "عهده بها قديم جدا حين كانت تحت ظل وزارة التربية والتعليم".

وعما تحتاجه المكتبات العامة يقول بافقيه "ينبغي أن يكون لدينا وعي بالتطور الحاصل في العالم، وهذا لا يعني أنني أقول بإزالتها، إنما بإعادة النظر فيها، وهذا مشروع دولة وليس مشروع وزارة" ويكمل "نحن قصرنا في المكتبات العامة مثلما قصرنا في الحدائق والمرافق العامة"، ويردف في هذا الصدد "لماذا لا تكون هناك مكتبات في الحدائق، والأحياء، والمستوصفات والمستشفيات".

ويختم بافقيه حديثه عن هذه المسألة قائلا "أتمنى أن يكون هناك ولو قارئ واحد في أيام العيد، لكن ينبغي أن يكون المسؤولون عن المكتبات العامة أناسا منفتحين على المشهد الثقافي والاجتماعي ويدركون أهمية الكتب قبل كل شيء، وليسوا موظفين كأي موظفين في أي دائرة حكومية".

من جانبه، قال الروائي محمد المزيني "إذا كانت الوزارة أصدرت قرارا تعلن فيه فتح أبواب المكتبات أمام المواطنين في أيام الأعياد فأتساءل: أين هي قبل أيام العيد أصلا؟" ويضيف عن دور المكتبات العامة قائلا "هناك فجوة واضحة بين القراء وبين المكتبات العامة"، لكنه يعبر عن دورها قديما بقوله "المكتبات العامة قبل 20 عاما كانت تؤدي دورها كما يليق، أما وضعها الآن فللأسف لم يخرج من حيز الإدارة وليس الثقافة".

وعن دور وكالة الوزارة للشؤون الثقافية في هذا الجانب، يؤكد المزيني أنه ربما كان هناك مشروع من قبل الوكالة بخصوص المكتبات العامة وأعطيت الوقت اللازم وهي ليست معذورة الآن.

وأشار إلى أن المسألة تكاد تكون مضحكة، فالزائر لا يستدل على مكان المكتبات في الأيام العادية، فكيف بمواسم الفرح، متسائلا: هل هي نكتة أطلقتها الوزارة؟

وأضاف المزيني "أنا متأكد أن المواطن يبحث عنها الآن ولا يعرف مكانها، وليس هناك مشروع واضح للوكالة لإعادة القارئ للمكتبات، وهناك فراغ فعلا في المكتبات رغم كثرتها".

وعن المشروع الذي ربما يعيد الثقة في نفوس المواطنين تجاه المكتبات يقول المزيني "هذا المشروع يحتاج إلى تخطيط ولابد من ربط عوامل كثيرة، لكن إن أردنا أن نتحدث عنه فينبغي أن يكون هناك برامج إعلامية عن أهمية القراءة والكتاب، ووضع جائزة للقراءة، والإعلان عن مواقع المكتبات العامة ووضعها على خارطة".

وعما يحتاجه الناس في مواسم الفرح مثل الأعياد، تمنى المزيني أن يكون الكتاب جزءا من الفرح، لكن الناس يحتاجون إلى الرقص والطرب، ولا يحتاجون للقراءة.

من جانبه، أكد عضو مجلس إدارة أدبي تبوك الشاعر عبدالرحمن الحربي بأنه لم يكن يعلم من قبل أن المكتبات العامة تغلق في أيام العيد إلا بعد صدور القرار، وقال "من المفترض أن تشرع المكتبات أبوابها على مدار السنة؛ إذ ثمة شريحة من المثقفين والأكاديميين وهواة القراءة يحز في نفوسهم أن يجدوا مصدر أنسهم قد أوصد بابه في وجوههم"، ويؤكد في هذا الجانب بقوله "قبل أيام كنت في أدبي تبوك بعد أن بدأت الإجازة للإشراف على أعمال الصيانة فتفاجأت بأحد رواد المكتبة جاءني وعلى وجهه ملامح الفرح عندما رأى أبواب النادي مشرعة وسألني إن كان بالإمكان الجلوس في مكتبة النادي فقلت له: نحن في إجازة ولا يوجد موظفون، فألح علي أن يجلس بالمكتبة مدة بقاء عمال الصيانة، بحيث يأتي معهم وينصرف معهم فلم أصده عن مطلب يجد فيه غاية سعادته". وقال في نهاية حديثه "لا شك أن عمل المكتبات في أيام العيد ضرورة ملحة، حتى وإن اعتقدنا أن كل الناس يتخاذلون عن القراءة في أيام العيد مثلنا، فرب أناس ليس لهم أهل يأنسون بهم في العيد فيجدون أنسهم في مثل هذه المكتبات".