أكتب كلمة (وافدون) على جوجل، لترى ما تسنده إليهم بعض وسائل الإعلام من أوصاف مخيفة، وجرائم شنيعة، حتى ليخيل إليك أن الوافدين اسم (عصابة)، لا فئة من الناس فيها المخطئ الذي ينال عقابه الشرعي، وأكثرهم من البسطاء الذين أتوا بحثا عن رزق شريف، ينزفون ثمنه عرقا، منهم الذين هاجروا هربا بدينهم من دول كانت تقتل على كلمة (لا إله إلا الله) فوجدوا في حكام هذه البلاد وأهلها ملجأ مثل ذلك الذي وجده المهاجرون الأوائل لدى النجاشي، ثمّ الأنصار (..يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون).

منهم من لا يعرف بلادا غير هذه البلاد، من عاش هنا لثلاثة أجيال، و منذ أكثر من نصف قرن، منهم من أمهاتهم سعوديات، أو أبناؤهم وبناتهم وزوجاتهم، وأكثرهم أصدقاؤهم سعوديون، منهم من يجاور بيت الله لم تفته ركعة من صلاة مفروضة منذ ثلاثين أو أربعين سنة (أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره)، منهم الفقراء الذين لا يسألون الناس إلحافا، يعيشون على الكفاف والستر، ومنهم من ينظفون الشوارع أمام بيوتكم، ومن ائتمنتموهم على أبنائكم داخلها.

أيها الإعلاميون، اكتبوا عن المخطئ، باسمه هو، لكن لا تتعدّوا إلى أسرته، أو فئته، أو زمرته.. مشكلة خطاب الكراهية أنه حين يخرج من عقاله لا يعود إلى مربطه، ولا يمكن إيقافه بـ"الريموت كنترول"، فعندما يلقّن الإعلام الناس في برامجه ومسلسلاته أن يكرهوا الأشخاص زُمَرا، لا الأفعال الخاطئة لا تستطيع أن تقول لهم: اكرهوا هؤلاء وأحبوا هؤلاء.