فهد عريشي - الرياض
وصلتني رسالتا معايدة هاتفية الأولى نصها: "أهنئكم بحلول عيد الفطر المبارك.. وعساكم من عواده.. أخوكم: فلان الفلاني" والثانية: "صديقي: كل عام وأنت بخير بمناسبة عيد الفطر المبارك, هذا العيد لن نلتقي ولكن أتمنى أن تكون ومن تحب بخير". الأولى معايدة عامة من قريب مضى وقت طويل على لقائنا الأخير، ولكن لم تصلني مشاعره، ذبلت معايدته قبل أن تصل، والرسالة الثانية زرعت فرحة العيد بصدري، جعلتني أسارع بالرد عليها.. فهي تحمل اسمي وكتبت من أجلي، وعبير مشاعرها فاح بصدري.
هاتان الرسالتان كانتا سببا في تساؤل عرض علي: أين ذهبت حميمية العيد في ظل المعايدة الإلكترونية؟! ينسخ أحدنا معايدة أعجبته صياغتها فيرسلها لجميع الأسماء بهاتفه، لتصلنا باردة ودون عناق لمشاعرنا، وكأن وصولها إلينا هو هدفه، متناسياً أن وصول مشاعر العيد هي الغاية.
افتقادنا لحميمية العيد ليس بسبب معايداتنا الإلكترونية، بل بسبب صياغتنا لها، فنحن من قتلنا مشاعرها وجعلناها تتناقل بيننا متشابهة ومغلفة وباردة.. نرسل رسالة واحدة بصياغة واحدة للجميع، لأمنا ووالدنا وإخوتنا وأقاربنا وأصدقائنا دون حتى ذكر أسمائهم في رسالة المعايدة, لماذا لا نكتب رسالة معايدة خاصة لكل من نعايدهم؟ لماذا نبخل على من حولنا برسالة خاصة نبدؤها بأسماء من نعايدهم، نبارك لهم العيد ونسألهم عن أحوالهم؟
قد تأخذ هذه الطريقة بالمعايدة الوقت الطويل ولكنها ستخلق مشاعر خالدة في رسائلنا، ستفاجئنا ردودهم وستذبل كل رسائل المعايدة المتشابهة والمغلفة، وتبقى معايداتنا الخاصة مزدهرة, من يجمعنا بهم قرب المكان سنذهب إليهم ونعايدهم ونبتهج بالعيد معهم، ومن باعدتهم عنا ظروف الزمان والمكان ستذهب إليهم رسائل معايدتنا ونحن وحدنا من نقرر أن نجعل مشاعر المعايدة تغفو قبل أن تصلهم؛ أو أن نجعلها تبقى مستيقظة للأبد في صدورهم.