هناك أمم وثقافات كثيرة حاولت التنبؤ بنهاية العالم، التي وثقها شعب المايا، وتشير إلى أن العالم سينتهي نهاية عام 2012. وأهميتها لا تنبع من صحتها بل من أن شعب المايا وضع جداول رياضية تنبأت بدقة بالكوارث الجوية والأحداث الفلكية، وهي جداول فعليا لا تعتمد على التنجيم أو الأساطير بل على استنتاجات رياضية وضعت بعد مراقبة طويلة، والمايا قبائل هندية أسست حضارة مدنية بلغت أوج تألقها في القرن الثالث الميلادي. السؤال: لماذا العالم لم يفهم الرسالة التي تركها شعب المايا بحيث بدا ساذجا لا يفرق بين حقبة تاريخية وقيام القيامة أو نهاية العالم؟

من الطبيعي أن القصد بنهاية العالم، نهاية الحياة الدنيا وتدمير الأرض وفنائها، في انتظار البعث والنشور وبداية الحياة الجديدة أي الحياة الآخرة كما نعرفها نحن المسلمون. ومفهوم نهاية العالم لا يقتصر حضوره عند أتباع الديانة الإسلامية فحسب، بل نجده حاضرا في جميع الديانات السماوية، والمفاهيم الفلسفية وفي بعض الأساطير في الميثولوجيا الإغريقية. ويأخذ أسماء مختلفة لدى أتباع كل ديانة فيسمى في الإسلام بيوم القيامة، وبرؤية يوحنا في المسيحية، أما في البوذية فيطلق عليه اسم المابو.

إن نهاية التاريخ أو نهاية الزمان ما زالت تشغل حيزا من التفكير الإنساني، خاصة وأن المفاهيم والتأويلات تشكلت من خلال عوامل متعددة متباينة تصل إلى حد التناقض تجمع بين الدين الأسطورة والوهم. وأشهر الذين تناولوا مسألة النهاية فوكوياما في كتابه "نهاية التاريخ والإنسان الأخير" الذي يشير إلى أن التجربة البشرية في إطار تطورها التاريخي في مجال الحكم والإدارة والسياسة وصلت لنهايتها، وذلك بوصولها إلى الديمقراطية الليبرالية الحرة. وهو لا يقصد طبعا توقف الأحداث، وإنما استمراريتها ضمن هذا النظام الذي جعل العالم قرية صغيرة بفرض منظومة فكرية عقدية وإيديولوجية واحدة هي الرأسمالية الليبرالية.

أما الفيلسوف الألماني هيجل فقد سبق أن أعلن عن "الدولة الليبرالية" وأن التاريخ انتهى عام 1860، لأنه رأى امتدادا للدول التي تجسد مبادئ الحرية والإخاء والمساواة في العالم. كارل ماركس أيضا اعتقد أن التاريخ سيصل نهايته بتحقيق اليوتوبيا الشيوعية التي ستحل في النهاية جميع تناقضات المادية التاريخية، والتي اعتبر فيها أن نهاية تاريخ الاضطهاد الإنساني عندما تزول الفوارق بين الطبقات.

ولكن سبقتهما في ذلك الأديان التي كانت تتحدث عن نهاية العالم وظهور المخلص في آخر الزمان، ورواياتها الكثيرة التي تتحدث عن العدل واستحالة المظالم في آخر الزمان.

فنهاية العالم بمفهوم آخر تعني نهاية لمرحلة تاريخية سابقة، وبداية لمرحلة تاريخية لاحقة أو لعهد جديد، هذا العهد الذي يسمى عصر نهاية التاريخ لدى الغرب وآخر الزمان عند المسلمين، هذه المرحلة الجديدة التي تخوضها البشرية تحت قيادة أحادية القطب، مع الاختلاف حول من سيقود هذه المرحلة، الغرب أم إسرائيل أم العالم الإسلامي، فقيام الساعة أو نهاية العالم مرحلة لاحقة، تأتي في أعقاب نهاية التاريخ، وفي نهاية الأمر كل إنسان يحمل نهاية عالمه في فكره وما إن يموت حتى تبدأ قيامته.