دائماً أستحضر العبارة الشهيرة "المجتمع دفان" أمامي، التي أطلقها "محمد حسن زيدان" - زوربا القرن العشرين - كما وصفه عبدالله الجفري رحمهما الله - وكنت كثيراً ما أسقطها على الوسط الصحفي.. أحد الأوساط التي تشتهر بدفن أبنائها.. خاصةً حينما أتذكر بعض الأسماء التي كانت ملء السمع والبصر وطواها النسيان!

ولذلك استوقفني تكريم صحيفة الحياة للزميل الخلوق والمؤدب أحمد الفهيد، أو قل: أسعدني لأربعة أسباب:

- الأول هو بادرة "الحياة" الجميلة، وهي متفردة ومتكررة فيما أعلم، والمتمثلة في تكريم أبنائها الذين خدموها وقدموا لها خلاصة جهدهم.. فكثير من الناس غادروا مطبوعاتهم دون أن يتم تكريمهم ولو برسالة شكر، بل إن بعضهم غادر دون أن يعرف الكثير من زملائه أنه غادر.. بعضهم أمضى سنوات طويلة تتجاوز العشرين دون أن نسمع عن تكريمهم.. فضيلة الشكر ترسّخ قيمة الوفاء في المجتمع.

- الثاني: حضور الشيخين "عائض القرني وسلمان العودة" للتكريم، وهذه خطوة مهمة في ترميم العلاقة المضطربة بين رجال الدعوة والصحافة السعودية!

- الثالث: الكلمة التي وجهها الفهيد لزميلنا "جميل الذيابي" حينما قرر الرحيل: "لم يعد لدي ما أقدمه للصحيفة، وإن بقيت سأكون عبئاً عليها.. قل لي الآن شكراً واتركني أرحل، قبل أن أصبح بلا فائدة بعد حين وتقول لي: أرجوك ارحل".. هذه عبارة رائعة يجب أن يضعها كل العاملين في الصحافة أمامهم.. نحن في الإعلام أكثر الذين يطالبون بالتغيير، بينما بعضنا ما يزال متشبثاً بالكرسي!

- الرابع: لماذا تم تكريم "أحمد الفهيد" وما الذي قدمه الفهيد حتى يتم تكريمه؟ هذه نقاط يجب أن يضعها كل مبتدئ في الصحافة أمامه.. مؤكد أن المسألة ليس لها علاقة بتميزه المهني فحسب.. لكنها أخلاقه العالية وأدبه الجم ولسانه العفيف وقلمه النظيف.. تلك التي فرضت احترامه على الكثيرين.. الإنسان الذي يزرع احترامه لدى الآخرين يحصد التقدير.