شاكر صالح السليم
اطلعت على كتابات في وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها تستقي أقوالا نبوية وتعرضها حينما تستقبح فعلا فعله بعض الناس، وجميل حضور النصوص النبوية في كتابات البعض، ولكن ليس كل من كتب وُفق لما هو جميل.
هناك من يكتب بالحرف "أصحاب نظرية أترضاه لأختك؟" حينما لا يعجبه تصرفات من ينكرون خروج المرأة على وجه معين، ويدمج ما بين قوسين مستغربا تصرفات بعض المنتسبين للعمل الحركي أو للعمل الذي يحارب فيه خروج المرأة على وجه غير مقبول اجتماعيا أو شرعا، ويتناسى نبع النظرية.
بعض من يقول ساخرا من أصحاب النظرية لم ينتبه إلى أنها استشفت من حديث شريف، ولم يفرقوا بين قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبين فعل المنكرين، ومهما كانت المبررات إلا أنه لا يحسن أبدا أن تدمج أقوال يظن أنها للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في سياق الاعتراض على الظواهر، فما بالك إذا كانت من أقواله، صلى الله عليه وسلم، وقد يأتي من يقول أصحاب نظرية اليد اليمنى، إلا إذا تم الفصل بين قوله وفعله، صلى الله عليه وسلم، وبين فعل المخطئ في إنكاره، وبين ما ينسب إليه من قول، لأن تلك النظرية نبوية من حيث الاستسقاء من حوار نبوي، وجميل أن ينسب المسلم إلى نظرية نبوية، ولكن قبيح أن يسخر منهم، لأنهم انتسبوا لتلك النظرية.
هذا مثال لما يتم دمجه من أقوال النبي، صلى الله عليه وسلم، وأفعاله في تناول بعض القضايا، وقد يجهل البعض الحوار النبوي، ولكن لا يمكن أن يجهل ذلك كل المطلعون والمجيزون لذلك السياق.
كلنا أصحاب "نظرية أترضاه لأختك؟"، ونفخر بالحوار النبوي الثابت عنه، وإذا قام أحد أبناء المسلمين بمعاكسة أو ابتزاز سنقول له ذلك، لأنه أسلوب نبوي ونتشرف أن ننسب له، إذا علمنا أنه ينفع معه السياق في الخطاب، وفي وقت الحوار أيضا ومكانه وأشخاصه، ولكن لا يمكن أن نقبل المساس بكلام ينسب إلى نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ مهما كانت المبررات.
وعلى المسلم أن يبتعد عن استخدام أي حديث في سياق السخرية من الآخرين، أو في سياق لا يناسب الحال، إلا إذا تم احترام القول النبوي على وجه مقبول شرعا وإعلاما وعقلا.
إلا أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله، فالتعرض لها بنبرة حادة أو بطريقة ممجوجة أو بأسلوب ملتو أو في غير مكانه غير مقبول أبدا، حتى وإن كان المخطئ الموجه له جزء من الحديث يرفع شعارا نبويا، فالخطأ إليه وليس لأقوال وأفعال النبي صلى الله عليه وسلم.
شارك خادم الحرمين القائمين على مركز الحوار الوطني في محفلهم وخاطبهم وأكد على الحوار، وبني المركز على أسس جميلة، ويتكئ على أسلوب القرآن الكريم والسنة النبوية في الحوار، وينشر الأساليب الحوارية ويستقي ما هو ثابت في السنة المطهرة، وقبل ذلك ما هو مشهود عليه في القرآن الكريم، ثم يأتي من يقول "أصحاب نظرية أترضاه لأختك؟" وهو يعلم بأن أصحاب النظرية استمدوا نظريتهم من حوار نبوي شريف.
النصوص النبوية يجب أن تصان عن المقالات، إلا إذا قدمت كما هي العادة، قال الله تعالى ثم السورة ورقم الآية، أو قال صلى الله عليه وسلم، ثم حكم الحديث من حيث الصحة والثبوت، دون تجزئ أو استخدام بعضها في تقسيم الناس وتحويلهم إلى طوائف، وفي عبارة من حديث أو في عبارة منسوبة إلى النبي، صلى الله عليه وسلم.
دمج الأحاديث الشريفة أو أي نص شرعي ثابت وتعييب فئات من المجتمع بنص نبوي أو بجزء من حديث نبوي أو بما اشتهر أنه حديث وبأسلوب يشعر بالسخرية لا يقبله عاقل فضلا عن مسلم.
من لا يفهم معنى الحديث أو لا يعرف النصوص الشرعية عليه أن يتحرى الدقة، فإذا شك في شيء من مفردات المقال أو القول أو الحديث، عليه أن يرجع إلى المصادر ليتأكد هل استخدم نصا شرعيا بطريقة سليمة أم لا.
استعداء النص أو جزء منه بأي طريقة كانت مرفوض، وعلى من فعل ذلك أن يعتذر لمقام النبي، صلى الله عليه وسلم، ويتوب إلى الله. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.