سمرت ليلة البارحة برفقة بعض الأصدقاء حول أغصان غضى مشتعلة، نلوذ بها عن برد الشمال، ونستعرض، كملايين السعوديين، آمالنا وآلامنا.. وانتهينا بعد أن ناقشنا، خلال ساعتين، لعشرات الحلول البسيطة.

وخلال أيام، نبدأ عاماً جديداً ونحن نحمل معنا ذات الإشكاليات التي تعكر صفو حياتنا، وتجعلنا نلوك الحلول مجدداً، كحال عشرات الكتاب الصحفيين الذين ينثرون حصادهم للريح.

أحياناً أشك في أن هناك من يقرأ، عوضاً عمن يستوعب.. فبعض قضايانا البسيطة هي هي منذ سنوات عديدة، ولا نلمح في الأفق أي بادرة تبشر بعلاجها.

ورغم أن وطننا الممتد أتاح لنا مساحات الحوار وتبادل الأفكار؛ إلا أن كل تلك المساحات تنتهي إلى "التأجيل".. فأين يكمن الخلل؟!

على الأعتاب، تبدو بوادر ميزانية تريليونية هي الأضخم في تاريخ الوطن، وأتذكر جيداً أننا في ديسمبر 2011 كنا نتحدث أيضاً عن أضخم ميزانية في تاريخ الوطن، تجاوزت 702 مليار، كان المأمول أن تنقلنا إلى مرحلة جديدة، تتبدل معها محاور نقاشاتنا وقضايانا.

لا أدري كيف يمكن مناقشة صناعة الطائرات والسيارات ونحن نتعثر بسعر "دجاجة"، أو كيف نحلق إلى فضاءات الإبداع والابتكار وفكر معظمنا مشغول في امتلاك مسكن!

وفي الجانب المضيء، يمكن سرد مئات المشروعات التي أنجزت خلال هذا العام، مستشفيات وجامعات ومدارس وطرق و.. و... إلخ؛ إلا أن فرحتنا ستتلاشى مجدداً حين نكتشف أن بعضها تكلفت أضعاف أضعاف تكلفتها الحقيقية، فيما بدأت آثار الغش تظهر على البعض الآخر حتى قبل أن تدشن.

لغة الأرقام لا تعني مفهوم الإنجاز، ولا تعبر عن النجاح والتقدم.. ما يهم هو ما وراء تلك الأرقام، والتوظيف الحقيقي لكل ريال يصرف هنا أو هناك، فمشكلتنا ليست بالميزانية، ولكن فيما تصنعه لحاضرنا ومستقبلنا. وكل عام وأنتم بخير.