اللقاء الوطني الثالث لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني حمل عناوين لطالما اعتبرها الطرح الذي تغلب عليه الرسمية "حساسة"، وحاول لسنوات تجاوز هذا النوع من التناولات باعتباره غير موجود من الأساس، لكن المثقفين السبعين الذين اجتمعوا كان لهم رأي مغاير فقرروا طرح الملفات ووضعها أمام المشرع فاتحين نقاشا طويلا ومتعددا حول مسألة "التصنيفات القبلية والمناطقية والمذهبية والهويات في المجتمع السعودي"، متناولين أهمية فكرة التعايش وأثرها على الاستقرار والوحدة الوطنية.

تلك الدورة التي احتضنتها مدينة جدة قبل ما يقارب العامين وضعت المجتمع السعودي من خلال مثقفيه طبعا أمام تلك الأسئلة الملحة ودفعته دفعا لإنتاج حلول لمحاصرة "القبلية والمناطقية والتصنيفات الفكرية"، ضمنت اقتراحات الحلول تلك في ملف توصيات رفع لاحقا. كان من أهم بنودها المطالبة بسن قانون يجرم الكراهية وكل ما من شأنه المساس بالنسيج الاجتماعي المتنوع والمتعدد عبر قيم أو سلوكيات وممارسات ذات طبيعة عنصرية أو مناطقية أو مذهبية.

المثقفون الذين شاركوا في فعاليات ذلك اللقاء وضعوا عربة التصنيفات على السكة الوطنية، مؤكدين ضرورة مواجهة تبعات الظاهرة التي عانت منها مجتمعات وشعوب دفعت سنوات طويلة من استقراراها وتنميتها. وقتها ذكر الأمين العام لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، فيصل بن معمر، أن الهدف الأساسي لهذا الحوار "تشخيص واقع التصنيفات، كذلك توضيح مدى خطورة الانزلاق وراء جوانبها السلبية التي تؤدي إلى التشظي بين أبناء المجتمع الواحد".

ولاحقا أنتجت ثلاثة أيام من النقاشات مجموعة مبادئ ركزت على أن المجتمع السعودي متنوع، وهذا عامل يمكن أن يكون عنصر قوة ودعم للوحدة الوطنية المبنية على أساس المواطنة في الحقوق والواجبات في حين أن تغليب الولاء للقبيلة أو المنطقة أو المذهب أو الفكر على حساب الولاء للوطن مخالفة للإسلام ولنظام الحكم وحقوق الإنسان.

اللقاء الثقافي الثالث الذي عد مثيرا بمحاوره وتوصياته حث في بيانه الختامي "على أهمية استثمار التباين والتنوع لتعزيز الوحدة الوطنية وخدمة التنمية بما يضمن بناء مستقبل وطني حضاري موحد؛ لأن المملكة قامت وتوحدت من خلال أفراد بمختلف قبائلهم وتوجهاتهم فيما تعزيز هذا المفهوم مناط بشكل رئيس بوسائل الإعلام والجهات التربوية والتعليمية المطالبة بنشر وعي المواطنة وتكريس مفهوم الوحدة".