صبية لا يتجاوز عمر أكبرهم العاشرة، أصبحوا مع الوقت جزءا من مشهد رمضاني يكاد يتكرر في أغلب الأحياء السكنية، سواء كنّا نتفق أو نختلف مع هذا المشهد فهو على أرض الواقع، ويؤرق العديد من السكان الذين ينشدون الراحة والطمأنينة لاسيما في هذه الليالي المباركة.

فها هي أم عبده مقيمة تتساءل عن وجود أطفال تحت سن العاشرة في الشوارع والساحات إلى ساعت الصباح الأولى، وتقول متعجبة: أين أسرهم ومن الذي يحمي أولئك الصبية من سيارة يقودها شاب متهور في تلك الشوارع الضيقة وسط الأحياء، التي قد لا تسعفها الإنارة الجيدة.

ولم تكن أم حسين (سيدة أردنية) بأفضل حالا من سابقتها حيث تقول: أصبح ذلك المشهد مألوفا لدى العديد من الأسر، فهو من الطقوس الرمضانية التي تكاد تتكرر في ليالي رمضان من زمن ، وتابعت: لطالما أرقتني تجمعات الأطفال الصغار في الشوارع وبالقرب من المنازل المجاورة، خاصة تلك الضوضاء التي يصدرونها أثناء اللعب.

وذكرت لـ"الوطن" أحد المواقف التي أخرجتها عن صمتها جراء إزعاج الأطفال لها في ساعات الفجر الأولى حيث قالت: في أحد الأيام أستيقظت على طرق مزعج لباب منزلي، حتى أنني شعرت بالارتباك والخوف من أن يكون هناك مكروه حل بزوجي أثناء ذهابه للعمرة، وتابعت: عندما فتحت الباب وجدت صبيا لا يتجاوز عمره الثامنة يطلب مني استعادة كرته التي سقطت في ساحة منزلي، وبالفعل استغربت في كون طفل لم يتجاوز الثامنة موجودا في الشارع لساعات الفجر الأولى، وتابعت: خرجت على الصبية الذين يوجدون في الشارع وقلت لهم ناصحة إياهم:"الوقت متأخر والوقت غير مناسب للعب في الشارع لمثل أعماركم"، وتابعت أم حسين قائلة: تفاجأت بأحدهم يرد علي وكانت إجابته حاضرة، وكأنه قد تجاوز في العمر الثلاثين وقال لي:" تبيننا ننحشر..حنا في رمضان"، وتابعت قائلة: لم تثنني إجابة الطفل عن تقديم النصح والإرشاد للأمهات اللاتي لطالما التقيتهن في مسجد الحي بصلاة التراويح، ونصحتهن بعدم ترك أطفالهن في الشارع لساعة متأخرة، ووضحت لهن مدى الفوضى والإزعاج الذي يصدر منهم أثناء اللعب في الشارع وبالقرب من المنازل خاصة الأصوات التي تصدر من ألعابهم النارية، ووضحت لهن بأن هناك من الجيران من لديهم أطفال رضع، أو كبار في السن، ومرضى، ولابد لنا من مراعاة شعورهم، وعن إجابة الأمهات لها قالت: أيضا كانت الإجابة متشابهة ومنهن من قالت لي بالحرف الواحد:"نحن نطردهم للشارع، كي يريحونا من الإزعاج"، وتابعت: إحدى الأمهات ذكرت لي إجابة مختصرة ،صمت بعدها وهي:"اتركيهم وشأنهم، وأغلقي بابك، دعي الأطفال يلعبون، فنحن في رمضان".

أخصائية التربية الأسرية مسفرة الغامدي كان لها رأي حول سهر الأطفال لساعات متأخرة وقالت: لابد وأن تكون هناك رقابة أسرية على الأطفال، فمن الخطأ ترك الأطفال الصغار يستبيحون الشوارع، ويقضون فيها جل وقتهم، خاصة الأطفال الصغار، وعن الفوضى التي يسببها أولئك الأطفال دونما أي اهتمام أو رقابة من لدن أسرهم قالت: قد تتطور تلك الفوضى وتسفر عن مشاكل بين الجيران وتنافر فيما بينهم وهو الأمر الذي لا يُرغب به خاصة في هذه الأيام المباركة.

ونوهت الغامدي إلى ضرورة التركيز على تلك العادة التي باتت شبيهة بالظاهرة من خلال تسليط الضوء عليها عبر وسائل الإعلام، وتحذير الأسر من سهر الأطفال خاصة صغار السن منهم واستباحتهم للشوارع إلى ساعات الفجر الأولى، وتابعت: الأطفال وبحسب طبيعتهم لا يدركون مدى خطورة ذلك، ولا يعون أبعاده.