لا يخفي الشاب سعد سعادته بما آلت إليه أوضاعه بعد التحاقه ببرنامج "الصندوق الخيري الاجتماعي"، الذي كان سبباً لتحقيق طموحه بعدما أفقده حادث سير القدرة على المشي وأقعده على كرسي متحرك.

فسعد وهو واحد من 19 ألفاً انضموا إلى برنامج "دعم المشاريع والأسر المنتجة" التابع للصندوق، لم يكن قادراً على العمل وكسب المال، غير أن الفرج لاح في الأفق حاملاً مستقبلاً "واعداً" له، عندما حصل على دعم مادي من البرنامج لمشروع، ففتح محلاً لبيع مواد غذائية. ونجح مشروعه بعد توفر إدارة متمكنة، وإقبال من أهل الحي والمعارف وكثير ممن يسكنون الأحياء المجاورة.

تمكن سعد وهو من سكان محافظة خليص بمنطقة مكة المكرمة من تسديد كل التزاماته المالية قبل أن يحين موعد سدادها، بل إنه تقدم بطلب آخر لـ "الصندوق الخيري" بغرض الحصول على دعم مالي آخر للتوسع في مشروعه، والصندوق يسعى إلى تقديم كل الدعم له نظير حماسته وتميزه.

نادية "المديرة"

وكذلك الأمر بالنسبة إلى نادية وهي من المستفيدات أيضاً من الصندوق، تحكي قصتها قائلة إنها وجدت في نفسها القدرة والمهارة على إجادة كل فنون الأشغال اليدوية، وتنسيق الهدايا التذكارية وتصميمها وتعليبها وتزيين الطاولات، وإعداد تقديمات الحلوى والسكاكر للمناسبات، إضافة لمهارات النسيج اليدوي.

عزمت نادية على حسم مستقبلها فرسمت خططاً ومعالم مشروع يدوي خاص بها ويناسب قدراتها ومهاراتها، وطلبت دعماً مالياً من الصندوق الخيري الاجتماعي، فحصلت على الموافقة مباشرة بدعم مالي بعد دراسة فكرة مشروعها. وتؤكد نادية انتظام عمل مشروعها وتزايد الإقبال عليه، حتى أن الأمر دعاها للاستعانة بفتيات أخريات وتوظيفهن في مشروعها حتى أصبحت اليوم مجرد "مديرة" للمشروع.

صناعة الحظوظ

ويؤكد المستفيد من برامج المنح التعليمية ماجد فواز أن لديه طموحا لإكمال دراسته لكن واجهته صعوبات أعاقت تحقيقها، منها تدني مستواه العلمي في الثانوية العامة، مما جعل المعاهد والجامعات ترفض قبوله، مشيراً إلى محاولاته لإيجاد مخرج لتحقيق طموحة من خلال الالتحاق بالمؤسسات الخاصة إلا أن العائق المادي يقف أمامه أيضاً.

وبين فواز أنه أوشك على التعب النفسي من عدم قبوله في أي مؤسسة تعليمية، لكن الله قدر له الحصول على منحة تعليمية من الصندوق الخيري الاجتماعي في تخصص "التمريض" وحالياً أوشك على الانتهاء من دراسته.

أما زميلة الشاب يحيى مجرشي، فأوضح أن هناك أشخاصاً يحاولون ويسعون لخلق الفرص لأنفسهم بينما هناك أشخاص تأتي إليهم الفرص ولا يستفيدون منها، مشيراً إلى أن هذا ينطبق على من يقرأ عن المنح التعليمية التي يقدمها الصندوق الخيري الاجتماعي ولا يبادر بالتسجيل، مشيراً إلى أنه لم يقل حظاً عن زميله فواز في الحصول على منحة تعليمية عن طريق الصندوق في وقت بدأ "اليأس" يتفشى بداخله بعد تعثر قبوله.

وحول بداية التحاقه بالمنحة الدراسية أوضح مجرشي أن أحد زملائه أرشده إلى نشر إحدى الصحف خبراً عن بدء التسجيل في المنح التعليمية المجانية من الصندوق الخيري الاجتماعي، وزوده بنموذج الخبر المنشور والمتضمن وسائل الاتصال، مستطرداً بأنه سارع بالتسجيل في تخصص " تقنيات الحاسب الآلي" وقريباً ينهي المرحلة الأولى من دراسته.

19 ألف مستفيد

وقصص النجاح هذه لا تقتصر على بضعة شبان بل تشمل أكثر من 19 ألفاً، بحسب ما كشف مدير الصندوق الخيري الاجتماعي عادل فرحات لـ "الوطن"، مؤكداً أن الصندوق قدم خلال خمس سنوات 381 اتفاقا تعليميا ضمن برنامج المنح التعليمية، وبلغ عدد المستفيدين منها 19072 طالبا وطالبة، إضافة لبرامج أخرى منها التدريب والتوظيف ودعم المشاريع والأسر المنتجة والإرشاد والتوجيه.

وأشار فرحات إلى أن الصندوق يعمل على دعم الدراسة للفئات المستهدفة لنشاطه في التخصصات المطلوبة لسوق العمل التي تحتاجها برامج وخطط التنمية وتضمن إيجاد وظائف للخريجين، موضحاً أن الصندوق يستعين بالجهات ذات الاختصاص منها هيئة التخصصات الصحية والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني وشركات ومؤسسات القطاع الخاص إضافة إلى وزارة العمل قبل طرح المنح التعليمية والبرامج المتخصصة، لافتاً إلى أن المستفيدين من هذه المنح هم الشرائح التي يخدمها الضمان الاجتماعي والجمعيات الخيرية والأيتام والمطلقات والمعلقات وأبنائهن وذوي السجناء والمفرج عنهم، وأسر المتعافين من الإدمان.

وبين فرحات أن برنامج المنح التعليمية يعنى بتنمية المهارات والمعارف بالنسبة لخريجي الثانوية العامة من الجنسين من خلال إلحاقهم بالمؤسسات التعليمية الحكومية أو الأهلية، ويساهم في حصولهم على درجة علمية تؤهلهم للالتحاق بسوق العمل عبر طيف واسع من التخصصات العلمية والتقنية والصحية والإلكترونية وفنون التجميل والأزياء؛ حيث إن مجمل هذه التخصصات مطلوبة في سوق العمل بشكل كبير.