أكد خبراء سياسيون أن قمة مكة المكرمة الاستثنائية للتضامن الإسلامي المقرر عقدها في 14 و15 من الشهر الجاري دلالة واقعية من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للظروف العصيبة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط على جميع المحاور الإقليمية والداخلية. واعتبر الخبراء الذين تحدثوا إلى "الوطن" أن أكبر أهداف القمة الإسلامية هو "إعادة البوصلة الجيوسياسية للتحرك الإسلامي على المستويين الإقليمي والدولي، وبناء المحاور والتحالفات العربية بصيغة جديدة تتفق والحجم الذي تلعبه الدول الإسلامية المؤثرة كالسعودية ومصر". وقال الباحث السياسي العراقي الدكتور وليد الزبيدي المقيم بالأردن لـ "الوطن"، "إن الدور المنوط اليوم على السعودية كبير، فلم يعد دورها في قيادة منظومة دول الخليج بل تعداه إلى قيادة الدورين العربي والإسلامي للملفات الخطيرة التي تهدد الأمن القومي الإسلامي، أضف إلى الأوضاع التي تواجه تلك الدول في شؤونها الداخلية".

وأضاف الزبيدي "أن الأهمية الكبرى لقمة التضامن الإسلامي هي المراجعة العلمية والسياسية للدول العربية والإسلامية في ظل ما يحيط بالمجال القومي في بلداننا". وأكد الزبيدي المطلع بشكل تفصيلي على مفاصل التحرك الإيراني في المنطقة العربية والعراق على وجه التحديد "أن الخطر الإيراني يزداد شراسة وتمددا لذلك أتصور أن تخرج القمة الإسلامية بمشروع عربي إسلامي للتعامل مع إيران".

وحول فكرة المشروع العربي ـ الإسلامي أوضح الزبيدي أنه أمام مرحلتين الأولى سلميا بالحديث مع طهران عبر القنوات الدبلوماسية والفكرية والإعلامية لإقناعها بضرورة الخروج من العقائدية مقابل مشروع تكاملي معها، خاصة أن المؤشرات تفيد بتراجعها في سورية ولبنان إلى حافة انهيار تحالفاتها المركزية في المنطقة".

ولكن في حال رفض صناع القرار في إيران ذلك المشروع، أكد الزبيدي ضرورة التحرك في إطار المقاطعة العربية والإسلامية الشاملة اقتصاديا وسياسياً وإعلامياً، وخاصة أن طهران تلعب حالياً على الورقة العراقية التي لها حضور عميق فيها بفضل الاحتلال الأميركي في أبريل 2003، لذلك تحاول جدياً وبثقل كبير بعد خسارتها سورية في تعميم تجربتها بالعراق بناء على تحالفاتها مع القوى السياسية العراقية. وتابع "من المهم أن تناقش قمة التضامن الإسلامي ملف العراق إلى أين؟ لأن هذا الملف مفصل مهم في نجاح المحورين العربي والإسلامي".

من جهته أعطى الباحث في مجال العلاقات الدولية أسعد العبادي دلالات سياسية "لقمة التضامن الإسلامي الاستثنائي بمكة المكرمة"، قائلاً "في التصور العام ستقدم هذه القمة تصوراً جديداً لمحور التحرك على الصعيدين السياسي والاقتصادي في بناء إطارات تحركها الدولي الفاعل والمشترك في مواجهة القضايا المشتركة"، موضحاً أن ذلك ركن أساسي ومهم في محور العمل في المجال الدولي والتأثير في صياغة قراراته التي تهم الأمن القومي العربي الإسلامي.

وأضاف العبادي في تصريحه إلى "الوطن"، "القمة بحاجة إلى خروج مشروع مشابه لمشروع مارشال الاقتصادي لتعمير أوروبا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية لأن الاقتصاد عملية أساسية في وقوف الدول الإسلامية والعربية تجاه أي عمليات اختراق، وبناء التحالفات البينية بينهما". وقال العبادي "إن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، هو الزعيم العربي والإسلامي الذي يحظى بمكانة كبيرة في إعادة البوصلة السياسية والاقتصادية كأساس لتعميق قوتنا العربية والإسلامية".