يُعد "الصندوق الدولي لدعم الثقافة" إحدى القنوات التي أسستها اليونسكو في أواسط السبعينات، لتحقيق بعض الأهداف التي أُسست من أجلها وهي: دعم الثقافة والتربية والعلوم في جميع أنحاء العالم.
الدكتور سعد البازعي، الذي انضم إلى "مجلس إدارة الصندوق الدولي لدعم الثقافة" التابع لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" بتعيين من قبل مدير عام المنظمة، قال في حديثه لـ"الوطن" حول تاريخ الصندوق، إنه بدأ مدعوما من بعض الدول دعما ماديا، لكن عمله ما لبث أن توقف بتعاقب مدراء المنظمة وتفاوت اهتمامهم به، حتى جاءت المديرة الحالية إيرينا بوكوفا، فأعيد الصندوق للعمل، ولكن بصيغة مختلفة، في حين كان الصندوق يُدار من قبل موظفي المنظمة، تقرر إنشاء مجلس من أفراد معروفين باهتماماتهم وكفاءاتهم الثقافية، ومن دول أعضاء في المنظمة، ليديروا عمل الصندوق.
وأضاف البازعي، أن "هذه الصيغة الجديدة هي التي دخلتُ شخصيا من خلالها مجلس الصندوق، بترشيح من مندوب المملكة د/ زياد الدريس".
وأشار إلى أن الأعضاء الآخرين أيضا رشحهم مندوبو دولهم في المنظمة، باستثناء اثنين اختارتهما المنظمة نفسها بوصفهم ينتمون لدول أعضاء، وممن عملوا أو ما زالوا يعملون مع المنظمة، وهما نورالدين ساتي من السودان، وشريف خزندار، وهو فرنسي الجنسية من أصل سوري (مدير بيت ثقافات العالم بباريس).
وحول ما يتبناه الصندوق من دعم البرامج الثقافية في الدول الأعضاء، وطبيعة عمل أعضاء الصندوق الثمانية، والمهام التي سيضطلع بها، وآلية الترشيح، أوضح البازعي، أن الترشيح مفتوح لجميع الأعضاء، وقال: كان المترشحون كُثرا، ومن دول مختلفة، منها دول عربية، غير أن قرار التعيين كان بيد إدارة المنظمة، التي نظرت في المرشحين، واختارت الثمانية من دول مختلفة هي، إلى جانب السودان وفرنسا، كما أشرت: المملكة، كينيا، إيران، فنزويلا، المكسيك، التشيك، وهؤلاء يمثلون أنفسهم وليس دولهم.
وتابع البازعي "هؤلاء الأعضاء يجتمعون مرة واحدة في السنة على الأقل، وقد يجتمعون أكثر من ذلك في الحالات التي تستدعي الاجتماع وذلك في مقر المنظمة بباريس، أما المهام الموكلة إليهم، فهي بشكل رئيس إدارة الصندوق، بما فيه وما يأتيه من موارد، وذلك حسب تقدير المجلس لطبيعة المشاريع الثقافية المطروحة أمامه من مختلف دول العالم، والتي تتقدم بطلباتها لينظر المجلس في إمكانات الدعم".
ووصف البازعي، موارد الصندوق أنها ليست بالضخمة، فحين أنشئ قامت بعض الدول، ومنها المملكة، بدعم الصندوق فتوفر مبلغ يعد متواضعا بمقاييس الكثير من الدول ومنها المملكة(حاليا أربعة ملايين دولار)، مشيرا إلى أن المنظمة تتوقع أن يستمر الدعم، سواء من الدول التي سبق أن منحت، وتعد دولا مانحة، أو من تلك التي لم تمنح.
وأكد البازعي، أن النظام الذي أقرته المنظمة للصندوق، ينص على أن الأعضاء الذين يتم تعيينهم في مجلس الصندوق من الدول المانحة، لا يجوز لهم الترشح لرئاسة المجلس، أو أن يكون منهم نواب للرئيس، مشيرا إلى أن الحكمة من ذلك
(كما يبدو) عدم خلق تضارب في المصالح بين المنح، وإدارة موارد الصندوق.
وحول ما يتعلق بدعم المؤسسات والمشاريع الثقافية في المملكة، لفت البازعي إلى أنه وارد، بصفة المملكة عضوا في اليونسكو، وليس بصفة كون أحد السعوديين عضوا في مجلس الصندوق، مشيرا إلى أن قرار الدعم لا يكون إلا بمقتضى معايير منها: أهمية المشروع أو المؤسسة، ومدى حاجتها للدعم، والقرار في النهاية سيكون بالتصويت.
وأشار البازعي، في حديثه عن دعم اليونسكو للمشاريع الثقافية، أنه ليس ماديا فحسب، إنما هو على مستوى الخبرات أيضا، وقال: قد يحتاج مشروع ثقافي إلى خبرات غير متوفرة لبعض الدول، فيكون دور المنظمة تقديم الدعم بإرسال خبراء أو دراسة مشاريع.
واستبعد البازعي، أن يكون هناك ما يستدعي تأكيد حرصه على دعم المشاريع الثقافية في المملكة، على أن يكون ذلك في إطار المعايير الموضوعة لعمل المجلس.
ولا يرى هذا الحرص متعارضا مع المسؤولية الملقاة على أعضاء المجلس، بوصفه معنيا بالشأن الثقافي العالمي، لتحقيق أهداف اليونسكو في خدمة العالم أجمع وليس بلدانا بعينها.
وذهب البازعي، إلى أن ما تكسبه المملكة من المشاركة في مجلس الصندوق ليس مكسبا ماديا، قائلا: إن ميزانية بعض الأندية الأدبية تعادل موجودات الصندوق، وإنما المكسب هو المشاركة في صنع القرار الثقافي على مستوى العالم، وكذلك الإفادة من خبرات اليونسكو في دعم المشاريع الثقافية.
وأضاف: أن المنتظر من دولة كالمملكة بمواردها الاقتصادية الكبيرة، أن تكون سباقة لخدمة مشاريع الثقافة في دول العالم المختلفة، لافتا إلى أن وجود أحد أبنائها في مجلس الصندوق، من شأنه أن يرجح الدعم لمن يستحقه، سواء في المملكة نفسها أوفي الدول العربية والإسلامية، أو دول العالم المختلفة.