كانت للعطار قيمة كبرى في الزمن السابق.. كان بمثابة استشاري جراحة عامة في مستشفى تخصصي كبير.. وكانت محلات العطارة حتى إلى ما قبل أربعين سنة، توازي صيدلية حديثة اليوم!.
ومع ذلك كانت العرب تؤمن بأن العطار لا يصلح "ما أفسد الدهر"، وهذا دليل على أن للعطار قدرة محدودة في علاج الأمراض.. ومهما تكدس محل العطار بالعلاجات والأعشاب تبقى له قدرة محدودة، ولن يكون قادراً على التعاطي مع كل الحالات التي تعرض عليه أو تفد إليه.
مشكلتنا مع العطارين اليوم كمشكلتنا مع بعض المفتين.. هناك بعض المفتين لا يرد أي مستفت، كل فتوى لها حل، وكل سؤال له إجابة.. العطارون أيضا ليس هناك مرض لا يملكون علاجه.. "كل مشكلة لها حل".. ولذلك تجد أن العطار "بتاع كله".. استشاري أمراض باطنية وقولون.. أمراض جلدية.. أمراض العقم والذكورة.. أخصائي في البشرة ومشاكلها.. خبير في أمراض الصدر والرئتين واللوزتين واللثة والأسنان والأظافر والشعر.. متخصص في أمراض الأطفال أيضا.. لديه علاج للزهايمر والأرق والقلق والبارانويا والوسواس القهري والاكتئاب وانفصام الشخصية!.
والأمر لا يقتصر على الرجال.. النساء لهن حضور قوي.. قرأت في "صحيفة الرياض" أن مُعالجة شعبية قامت بقياس محيط رأس مريض بخيط، وقالت له بأن رأسه فيه تنسيم وأنها ستعالجه بـ"اللبخة" التي ستصنعها له!.
والغريب أن بعض العطارين وجدوا في القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي وسيلة ثمينة للوصول لأكبر شريحة ممكنة من الواهمين بقدراتهم الخارقة!.
السكوت عن ممارسات بعض العطارين اعتراف بهم وتصديق لهم.. لذلك أقترح إغلاق كافة المختبرات وأقسام الأشعة والمراكز الطبية، ما الحاجة لها؟!.