لو كان ابن الخطاب رضي الله عنه حيا لأقام دعوى قضائية على "إم بي سي" لتهاونها في تقديمه للناس كشخصية تاريخية هزم نور وجودها ظلامية القرون الوسطى، وهو نور استمده ابن الخطاب بالضرورة من روح الرسالة التي حمل أمانة نشرها في العالم.

قلة هم أولئك الذين أبدوا رضاهم عن مسلسل" عمر الفاروق"، ففي المخيلة العربية والإسلامية يرتبط اسم الفاروق بشخصية أقرب إلى الأسطورة منها إلى واقع الحياة، لذلك يشعر المشاهد العربي أنه خدع بتقديم عمر بن الخطاب رضي الله عنه بهذه السمات الشخصية التي لم تعكس الصورة التي في أذهانهم، لرجل ظل مضرب المثل، منذ أن وعت البشرية العرجاء المبتلاة بحماقة اغتصاب حقوق الإنسان والتهاون في كرامته على أن للإنسان حق الكرامة وحق الحرية، فأطلقها عمر مقولة تلهج بها ألسنة البشرية منذ أن طارت من بين شفتيه لتجوب عالما يمتلئ بالظلم والعبودية " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟ ".

هل قائل هذه العبارة هو هذا الشخص الذي يبدو غرا ومتكلفا في سيناريو وليد سيف؟ هذا ما يردده المتابعون للمسلسل على مواقع التواصل الاجتماعي، فالفاروق الذي قيل إنه اكتسب لقبه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يكن يتكلم من جوفه، بل كان صوته صريحا وجارحا، إلى حد أنه صاح يوما وهو في مكة "يا سارية الجبل" فسمعه "سارية" وهو على شاطئ الفرات في العراق.

ثمة أخطاء كثيرة في مسلسل الفاروق ليس أهمها التهاون في رسم شخصية على قدر كبير من الأهمية التاريخية ولها حضور عاطفي في وجدان المسلمين. وحين يقول المشاهدون ذلك فإنهم بالتأكيد يستحضرون في أذهانهم فيلم "الرسالة" للعقاد، وبعقد مقارنة بسيطة بين العملين، سيبدو عمل حاتم علي فيه الكثير من السذاجة والتراخي وعدم الجدية، وهي عيوب قد يسمعها حاتم علي فينتف شعره غضبا، فقد وضع كل تاريخه الفني خلف هذا العمل، وهناك من سيعترض قائلا، ألا تنتظرون نهاية العمل فتحكموا عليه، ولا بد أيضا أن أحدهم سيرد عليه: المكتوب يقرأ من عنوانه!!