خلال مدة زمنية لم تتعد الـ 82 ثانية فقط، انتهى مشوار لاعبة الجودو وجدان شهرخاني بدورة الألعاب الأولمبية أمس على يد لاعبة بورتريكو ميليسا موخيكا، في وزن 78 كجم، بعد أن شغل أمر مشاركتها، اللجنة الأولمبية الدولية والاتحاد الدولي للجودو وكذلك اللجنة الأولمبية السعودية، لفترة طويلة بسبب كيفية مشاركتها وارتدائها الحجاب من عدمه خلال مباراتها.

بتهيب واضح عليها، دخلت شهرخاني أرض حلبة اكسل الرياضية لمواجهة ميليسا، وسط حشد إعلامي فاق الحدود، فالأمور لم تكن سهلة على الإطلاق بالنسبة لها كونها أول رياضية سعودية تشارك في دورة الألعاب الأولمبية، دون أن يكون لها خبرة كافية، حيث كانت جميع الأضواء مسلطة عليها وهي التي تأتي من بيئة محافظة لم تعتد على هذا الاهتمام الضخم.

وقد لا تكون الثواني الـ82 التي أمضتها شهرخاني على أرض الملعب طويلة، لكنها ستبقى مشاركتها عالقة في الأذهان ومحفورة في الذاكرة، لأن اللحظة التي وطأت فيها قدماها البساط، أصبحت بحد ذاتها تاريخا ونقطة مضيئة في سجلات رياضة السيدات.

دخلت وجدان قاعة اكسل الرياضية في المجمع الأولمبي وسط ترحيب حار من الجمهور الغفير الذي احتشد في المدرجات وقد ارتدت غطاء للرأس يغطي أذنيها شبيه إلى حد ما بغطاء السباحات، وذلك بعد التوصل إلى اتفاق خاص بين اللجنة الأولمبية الدولية ونظيرتها السعودية والاتحاد الدولي للجودو، خصوصا أن هذه الرياضة تعتمد معايير صحية صارمة وأي غطاء على رأس المتنافس أو المتنافسة يعتبر مصدر خطر على الصحة.

وبدأت المباراة وسط تردد من وجدان، في حين لم تبادر منافستها إلى مهاجمتها بقوة إلى أن قامت بحركة فنية تمكنت خلالها من إنهاء المباراة في مصلحتها بعد مرور دقيقة و22 ثانية على بدايتها، وخرجت اللاعبة السعودية وسط تصفيق حاد من الجمهور قبل أن تسير باتجاه والدها الذي عانقها بحرارة وبكيا معا. يذكر أن والدها هو حكم جودو معتمد رسميا من قبل اللجنة المنظة في دورة الألعاب الأولمبية في لندن 2012 لإدارة بعض المباريات، وقد قام بالفعل بالإشراف على إحداها مباشرة بعد مشاهدته ابنته.

وعقب المباراة، قال وجدان" أشعر بالسعادة والفخر للمشاركة في هذه الألعاب، وسأواصل مزوالة رياضتي المحببة".

وأضافت "كنت خائفة في البداية لأنني لست معتادة على خوض بطولات كبرى بهذا الحجم، كما أن بلبلة ارتداء الحجاب من عدمه في الأيام الأخيرة، أفقدتني تركيزي بعض الشيء".

من جهة أعلن علي سراج شهرخاني، والد اللاعبة وجدان، تقدمه عبر محاميه في السعودية، بشكوى إلى الجهات المختصة ضد شخص قذف ابنته في تويتر ووصفها بما ليس فيها بسبب مشاركتها في أولمبياد لندن.

وطالب والد وجدان بضبط الشخص ومعاقبته، مؤكدا رفعه شكوى أخرى ضد شخص آخر انتحل شخصيته في تويتر ووجه شتائم للبعض على لسانه، كاشفا أنه تم التوصل للشخص المعني.

وعن مشاركة وجدان وخروجها أمس من أولمبياد لندن، قال" ابنتي قدمت كل ما لديها، بل إن بقاءها أمام اللاعبة البورتريكية لمدة 82 ثانية يعتبر إنجازا كبيرا، فهناك بطلات معروفات طردن بعد ثوانٍ فقط بسبب أخطاء ارتكبنها، ومنهن بطلة جزائرية مصنفة ثالثة على العالم طردت بسبب خطأ وغيرها من البطلات".

وأضاف" بقاء وجدان لهذه المدة إنجاز ليس بشهادتي، بل بشهادة الجميع في البطولة والإعلام العربي والغربي، وأنا فخور بها وأعتبرها فازت في أول مشاركة في الأولمبياد".

وحول استعدادات وجدان لهذا الحدث قال شهرخاني" حرصت ووالدة وجدان وإخوانها، على إبعادها عن الضغوط الإعلامية، وقبل مباراتها بيومين، حرصت على إحضارها للملعب لترى المباريات وتشجيع الجمهور حتى لا تشعر بالرهبة يوم مشاركتها، وصباح أمس استعدت من السادسة صباحا ووزنت مع اللاعبات ودخلت مباراتها في الـ10:12 دقيقة واستقبلها الجهور البريطاني والأوروبي والعربي استقبالا مميزا وصفق لها طويلا أثناء دخولها وخروجها من الملعب".

وعن أصعب لحظة واجهت وجدان، قال شهرخاني" لحظة لقائها بي عقب المباراة واعتذارها لعدم فوزها وهي تبكي". وقال إن مسؤولي الرئاسة العامة لرعاية الشباب اتصلوا به وهنؤوه على مستوى وجدان المشرف.