تقول الصبوحة: “ع البساطة البساطة.. يا عيني ع البساطة.. تغديني جبنة و زيتونة، و تعشيني بطاطة”!
غلَب التكلف على حياتنا.. الخاصة والرسمية.. نظن على الصعيدين أن البساطة تسلبنا شيئا من قيمتنا و"هيبتنا". وأننا كلما كنا أكثر تكلفاً كانت أهميتنا كبيرة و"هيبتنا" أكبر!
نبتعد عن البساطة ونميل نحو التكلف الذي أصبح سمة من سماتنا، بينما التكلف ذو أعباء نفسية ومادية ومعنوية.. ليس صحيحا أن البساطة صنو اللامبالاة.. وليس لائقاً مساواتها بالبخل.. بون كبير بين البساطة واللامبالاة والبخل.. اللامبالاة شعور سلبي تجاه الآخرين، والبخل داء مُهلك يستوجب الاستعاذة منه.. بينما البساطة خلق كريم..
لن أحصر الحديث في مناسباتنا الخاصة.. تلك التي نتكلف فيها بشكل غير عادي، وهو ما جعل منها عبئا كبيرا على العائلة السعودية، وليست فرصة للقاء والأنس والفرح كما كانت في الزمن الماضي.. هذه المناسبات لا تتغير بقرار.. هذه ثقافة عامة تنمو وتنحسر تبعاً لقناعات الناس وأحوالهم.
سأتحدث فقط عن الحياة الرسمية المتعلقة بالعمل - الحكومي بالذات - تلك التي يتم الحد منها بقرار..
حينما تطالع نشرة السادسة على التلفزيون السعودي - أو تتصفح أقرب صحيفة إليك الآن - تجد أن التكلف صار صبغة واضحة على أغلب الاجتماعات الحكومية.. فإذا ما استثنينا مجلس الوزراء - لطبيعته الخاصة ولأهميته الكبيرة - فأنا لا أجد مبرراً لهذا التكلف في اجتماعاتنا الأخرى.. الزهور المنثورة فوق طاولات الاجتماعات تعادل إنتاج حديقة عامة لمدة شهر كامل!
بينما المشالح ذات الزري العريض وأكوام الحلويات وأكواب العصير ولوازمها، تذكرك بحفلات الزواج الأسطورية!
لابد من نزع التكلف من هذه الاجتماعات.. لا يأتيني إحساس أن اجتماعات بهذه التكلفة العالية والتكلف الممقوت ستنتج لنا قرارات نافعة.. هي تبدو وكأنها مناسبات لالتقاط الصور - إن لم تكن بعضها كذلك فعلاً!