جاء افتتاح دورة الألعاب الأولمبية بلندن ليشكل حدثا عالميا بارزا في كل أرجاء الأرض، ولتتفاعل معه كل الشرائح في المجتمعات، والمثقفون - بدورهم- لم يكونوا نشازا بين هؤلاء البشر، فجاءت آراؤهم حول هذا الحدث مغايرة، ومؤكدة على أن المحافل الرياضية تعبر عن ثقافة الشعوب أيا كانت.

وفي نظرة تاريخية لهذا الحدث، يقول الشاعر والروائي عبدالله ثابت "هذا المحفل الذي يقام منذ قرون قبل الميلاد، ابتدأته اليونان، وكان يستمر حينها لسبعة أيام، ويقام كل أربع سنوات، وكثيرا ما كان الجسد هاجس الإنسان منذ الأزل.. حاول فهمه والتعرف عليه وعلى طاقاته ولغته، وأظنه بهذا الدافع اخترع هذا الكم الهائل من الألعاب والرياضات، هذا قبل أن تكون الرياضة استعدادا لبناء قوة الجسد وتهيئة الفرسان لمواجهة الحروب، وقبل أن تكون الرياضة معبرا من معبرات تعارف الشعوب وفعائل السياسيين، وقبل حتى أن تكون الرياضة متعة وهواية واحترافا". ويختم ثابت حديثه بقوله "لقد نظر الإنسان القديم طويلا إلى جسده، وحاول أن يفهمه، وفكر كيف يجعله ينطق؛ لذا فالأولمبياد.. قصة الجسد".

من جانبه، قال الكاتب والروائي عادل الحوشان عن هذا المحفل: إن "لفّة الشرف" هي أحد أعراف الانتصار الرياضي في المنافسات العالمية، وعرف الأولمبياد، وهي لحظة واحدة تكفي عن كل شيء حين يرفع رياضي علم بلاده ويطير حمام الأيدي من المتابعين ليرف في خارطة قلبه، هي لحظة الشجاعة والانتصار معا، والنكهة والطعم والتي ننتظر تحقيقها".

ويعبر الحوشان "الأولمبياد مهرجان عالمي للتنافس في الأداء والانتصارات، هو تحقيق الهوية ورفعها عاليا، ليس على المستوى الفردي بل على مستوى الهويات، وما تفسده السياسة بأدواتها ورصاصها المميت تحققه حياة الرياضيين ومنافساتهم بشرف".

ويتساءل في نهاية حديثه "أي شرف يعادل أن ترفع نشيدك الوطني أمام العالم؟".

وتشير الناقدة والكاتبة الدكتورة لمياء باعشن إلى هذه المناسبة قائلة "أتمنى ألا نسجل غياباً كشعب سعودي، رجالا ونساء، على جميع الأصعدة التي يتمكن الإنسان من إظهار مهارة فيها وبراعة تستحق البروز والخروج إلى العالم بشكل مشرف".

وأضافت "في كل محفل عالمي يحتفي بالتميز البشري، يجب ألا يتوانى أبناء وبنات المملكة عن التقدم إلى صفوف المنافسة وبذل الجهد للحصول على جوائز تثبت قدراتهم وإمكاناتهم وتعزز مكانة بلادهم الحبيبة".

وعن مشاركة المرأة السعودية في الأولمبياد لأول مرة، تشير باعشن إلى أنه "رغم وصولها متأخرة إلى ساحات الأولمبياد، لكنها وصلت متحفزة ومستعدة، فها هي تحت نظر العالم كله تمشي مع أبناء وطنها ممثلة له على المستوى العالمي".

وتابعت "اليوم تمشي المرأة السعودية في ساحات الرياضة العالمية وهي مبتسمة وفخورة بنفسها وواثقة من مقدرتها ومحافظة على ثوابتها وعلى مظاهر دينها، وخطواتها الواثقة تعصف بكل الإشاعات والأقاويل المغرضة عن تخلفها وعن قهرها ومنعها من ممارسة حياة طبيعية، مؤكدة أن ظهورها في الأولمبياد جاء ردا مفحما لكل التساؤلات والمقولات، لتثبت للعالم أنها موجودة بقوة ومؤهلة ولا تقل عن غيرها من نساء العالم".