واستكمالا لحديث الأمس، فقد لقنني مشرف دار أيتام جازان، حسن الحكمي، واحدا من أبلغ دروس حياتي مع العمل الخيري العام. تعلمت منه أن في الحياة مطبات وتحويلات وحيلا لا تنفع معها التلقائية ولا النوايا المباشرة. أتذكر أنه حاول أن يكلمني لمرتين عبر جوال المشرف المناوب للدار، وباسمي ولقبي وبشخصي الذي يعرفه جيدا، ثم أتذكر بعدها أنه صاحب البلاغ عن شخص مجهول ومشبوه يحاول اقتحام الدار. وبالطبع، أنا أعرف جيدا أنني لن أحاسب على هذه التهمة الخطيرة إن كذبت، مثلما أعرف جيدا أن أحدا لن يحاسبه لينقذ هؤلاء الأيتام. أتذكر جيدا أنني من بادرت بالاتصال بمدير عام الشؤون الاجتماعية بعد كل – القصة – لأذكره بتنسيقي معه لهذه الزيارة الإنسانية الخالصة، ثم أتذكر أيضا أنه ذات المسؤول الذي أخفى عن المسؤول الأمني أنني ذهبت للدار بتنسيق مسبق مع ذات سعادة المدير العام. أنا لا أعلم ماذا لدى هذه – الزمرة – لتخفيه عن دار الأيتام للدرجة التي تتحول فيها زيارة – أب – لأبنائه إلى حصار أمني وإلى بلاغات كاذبة عن حادثة لم تحدث. ماذا لدى كل هؤلاء كي يتحول – الكاتب – الذي يعرفه كل فرد بهذه الدار إلى فرد مجهول (مشبوه) يحاول اقتحام الدار بالقوة. لماذا يتكلم سعادة المدير العام بلسانين: واحد إلى – كاتبكم – يسمح فيه بزيارتي لذات دار الأيتام، وآخر إلى مسؤولي منطقته ثم يتجاهل تماما هذا التنسيق المسبق. لماذا حاول مشرف الدار الحديث لشخصي المعروف باسمي ولقبي وشخصي، رغم أنه ذات المسؤول الذي تحدث للجهات الأمنية عن شخص مجهول مشبوه يحاول اقتحام دار الأيتام؟ لماذا تغيرت مواقف المشرف المناوب في الدار إلى النقيض رغم أنه يعرف أن الحديث برمته كان في الشارع العام، ولماذا يظل هؤلاء الأيتام تحت الحصار والتهديد لأشخاص يبرهن الحدث أنهم آخر من يعلم عن معاناة هؤلاء الأيتام. والفاصل في الأمر: إما أنني المشبوه المجهول الذي جاء لدار الأيتام في مهمة بالغة الشبهة والخطورة، وإما أنهم من لا يؤتمن على هذه المسؤولية الإنسانية؟ ماذا لدى هؤلاء ليخفوه عن زائر أقسم لهم جميعاً أنه جاء في مهمة إنسانية خالصة لا علاقة لها بالكتابة، وماذا لدي من الشبهة والتهم والخطورة كي أسافر لخمسمئة كيلو متر في الذهاب والإياب لأنثر شبهتي وخطورتي التي لم أجد لنثرها إلا دار أيتام؟ ماذا لدى هؤلاء ليخفوه عن الرأي العام وهم الذين يعلمون أن هؤلاء الأيتام يسكنون داراً مفتوحة يذهب فيها هؤلاء الأيتام لجامعاتهم ومدارسهم وشوارع مدينتهم على المكشوف ويستقبلون في ذات الدار معارفهم وأصدقاءهم ثم يكون استقبالهم لأب في عمري شبهة بالغة الخطورة وتهمة يشيب لها الرأس وحصاراً أمنياً لشخص مجهول ومشبوه.
سؤالي الأخير: من هو الذي يجب أن يكون تحت الحصار؟