إذا كنت من قاطني الرياض المدينة، فهذا يعني أنك تقضي ما بين 3 إلى 4 ساعات من وقتك في شوارعها، هذا لو كنت اعتياديا في "المشاوير" اليومية، من عمل وأصدقاء وغيرها، بحيث يصبح مشواراً - على الأكثر - لكل تقسيم زمني، وهي المدينة المسماة بـ"مدينة المشوار الواحد"، بحسب الصديق والزميل ياسر الغسلان، الذي وجد نفسه "محشوراً" بين مخارجها بعد أن كان يمارس "دكتاتوريته" في شوارع الدوحة.

أفرز هذا الزحام "طفرة" في صناعة الإعلام المسموع، إن صح تلقيبه هكذا، بعد أن اتحدت قرارات "رخص الإذاعات" مع تنامي "اختناقات الزحمات" لإنتاج متلقٍ جديد، بطريقة حديثة، وبروح الشباب العصرية، رغم فشلها "الواضح" في التجديد في سوق الإعلان، وابتكار أفكار خلاقة ذات طابع شبابي مختلف.

في الصباح، ومع زقزقة العصافير التي لم نعد نراها، يدير كثير من "الملطوعين" في طرقات الرياض إذاعاتهم لمتابعة المميزة "جيسي كرم"، التي - أحسدها - على صدرها الواسع المستوعب كل أنواع المكالمات، فقنابل الاتصال تنطلق من منصات "المداومين" و"الساهرين" و"العشاق" و"الظرفاء" و..غيرهم، والحقيقة أن معظم هؤلاء لا يبحثون سوى عمن يسمع لهم في الصباح!

هناك، حيث المساء، يطل علينا مزروع المزروع، وهو بالمناسبة صاحب أشهر "صلعة" في الشبكات الاجتماعية، بروحه المرحة، وأسلوبه الساخر، وتفاعله مع متابعيه مباشرة من خلال "تويتر"، وهو الأمر الذي صنع له الفرق، ومنحه التميز، وأحدث نقلة في ماهية التعاطي والعلاقة بين المذيع والمستمعين، وصنع أساسا مختلفا عن ذاك التعاطي المبني على الجفاء في السابق، والقائم على علاقة "أنا المشهور" و"أنت المعجب"! واقتباساً من العرفج أحمد: "حسناً.. ماذا بقي"؟! وما فائدة كل هذا.. الأمر لا يتعدى كونه إعجاباً بالأداء، وإنصافاً للعطاء، وقولاً حسناً للمحسنين، وتشجيعاً للمنافسين، وابتعاداً عن أجواء المتشائمين، وطرحاً للسؤال - المباغت - دائماً: من يمتلك الفكرة، ومن يصنع الفرق؟! والسلام.