إذا كان الغول والعنقاء والخل الوفي هي المستحيلات الثلاثة، فقد أضافت لندن 2012 إليها ضلعاً رابعاً، هو "الحصول على تذكرة للمنافسات".
وبقي الحصول على تذكرة لإحدى منافسات الأولمبياد ضربا من مستحيل، وحتى مع طرح كل التذاكر عبر شبكة الإنترنت يضنيك البحث عن تذكرة متاحة، حيث تواجه دوماً وبعد بحث مضن، وبعد تقلص خيارات البحث بإجابة نهائية تقول "ليس هناك تذاكر متاحة".
رسمياً تتباين أسعار التذاكر حسب الألعاب والدرجات، وكلها تبدأ من 20 جنيها إسترلينيا (نحو 120 ريالا)، وتبدأ التصاعد فهناك تذاكر بـ45 و50 و60 و150 و450 جنيها للتذكرة الواحدة.
وشهدت التذاكر الأقل سعراً الإقبال الأشد ولذا نفذت بشكل أسرع، وكلما أراد المرء أن يحجز تذكرة وجد نفسه مضطراً لخيارات الأسعار الأعلى، لكن حتى هذه الأخيرة لم تعد متاحة.
ويقتصر دور مكاتب التذاكر هنا على تسليم التذكرة لمن قاموا بالحجز مسبقاً عبر الإنترنت.
لكن صعوبة الوصول لتذكرة تبدو وكأنها درس للجميع في ضرورة العمل مبكراً ورسم خارطة التجهيز للألعاب والمباريات التي يهتم بها، وحجز تذاكرها قبل فوات الأوان. وكشفت صعوبة الحصول على تذكرة الإقبال الشديد على المنافسات، ولذا بقي الزحام على أشده في المجمع الأولمبي، حتى مع المطر الذي تساقط، والذي اضطر الجماهير لحمل المظلات تجنباً لآثاره.
غربة
مبكراً جداً حجزت معظم تذاكر مباريات كرة القدم للرجال التي تقام في لندن، فيما كانت منافسات السيدات أقل استقطاباً للراغبين بالتذاكر. ومن محطة هولبورن للأنفاق صعد ثلاثة شباب إماراتيين إلى متن الميترو الذاهب إلى ويمبلي، كانوا يتحدثون بفرح عن خطوتهم المقبلة، فقد كانوا في الطريق إلى الملعب حيث تلعب الإمارات مع منتخب البلد المضيف (1 ـ 3) ضمن منافسات كرة القدم.
قال سعيد الوهيبي "هي فرصة ثمينة أن تشاهد منتخب بلدك يلعب تحت ناظريك مباشرة".. وسعيد وزميلاه يقيمون في إنجلترا حالياً للدراسة. ويضيف "منذ القرعة ووضع البرنامج رتبنا لهذه المناسبة، وحصلنا مبكراً على التذاكر لأننا توقعنا الزحام بالنظر للمناسبة ولأن بريطانيا المضيفة هي الطرف المقابل في المواجهة". ويكمل "حينما تشاهد رياضيي بلدك هنا في الغربة، تشعر وكأنك عدت إلى موطنك ولو لساعات".
رقابة
وظل الإقبال الشديد تحت ضغط رقابة أمنية مكثفة، بدت مضجرة للبعض، فيما رآها آخرون مرضية للغاية. ويقول أمين عام اللجنة السعودية للكشف عن المنشطات بدر السعيد "لا تضايقني هذه الإجراءات، حيثما يزداد الأمن انضباطاً تشعر براحة أكثر، ويمكنك أن تقوم بعملك، أو حتى تستمتع براحتك حينما تطمئن إلى أن هناك من يحرص على أمنك". أما الزميل عادل النجار، الموفد لتغطية الأولمبياد، فيرى أن "هناك صرامة شديدة، ربما تكون مبررة، لكنها تبدو أكثر من المعتاد.. حتى تشفير بطاقات أبواب غرف الفندق يتغير باستمرار ونحتاج كل مرة إلى تفعيله في إجراءات أمنية مشددة جداً". ويحتاج كل داخل إلى أي منشأة تقام فيها إحدى فعاليات الأولمبياد، أو حتى الفنادق التي تستضيف بعض الشخصيات واللجان، إلى العبور وسط إجراءات أمنية محكمة تُخضع ما معه خلالها للفحص والمسح بالأشعة على غرار ذاك المسح الذي يصادفه المسافر في مداخل المطارات.
ولا تتعلق هذه الإجراءات فقط بالجماهير، وإنما حتى بالمشاركين والرياضيين، لكن الأمن البريطاني الذي يقوم بالمهمة، يتسلح بفلسفة ربما تخفف العبء، حيث يقول أحد العاملين على تطبيق الإجراءات الأمنية "ابتسم وأنت تؤدي عملك، وحينها لن يشتكي منك أحد".
تذكارات
ولأن المنظمين يستهدفون الجماهير، ويدركون رغباتها، فقد نشروا محلات بيع تذكارات الأولمبياد من شالات وأعلام وقبعات ودمى على بعد أمتار فقط من مداخل البوابات الرئيسة للمجمع الأولمبي ولبقية المنشآت التي تستضيف الأحداث. وشهد المحل القريب من بوابة المجمع الملاصق تماماً لمحطة ستراتفورد للقطارات زحاماً كبيراً، فيما كان الأمر أخف وطأة بمراحل في (جرين بارك) على بعد بضعة أمتار فقط من قصر باكننجهام الملكي حيث كانت منافسات الطائرة الشاطئية تقام هناك.