وقفتُ في منطقةٍ وسطى بين طرفي حوارٍ جمع مثقفين وسياسيين إيرانيين من جهة، وباحثين ومثقفين خليجيين وعرب من جهة أخرى، متجاوزاً كل الآلام التي سببتها إيران للدول العربية من العبث بأمنها والتدخل بشؤونها، وأكثرها شناعة التدخل السافر لإيران في سورية الذي لا يجهله أعمى مهما اختلفت ملته أو مذهبه.
وقفتُ على كل التفاصيل واستمعت إلى كل الآراء في ندوة "العلاقات العربية الإيرانية في الخليج" التي استضافها منتدى العلاقات العربية الدولية بالدوحة على مدى يومين.. فوصلت إلى قناعات، أولها أني ازددت حنقاً على سياسة إيران الخارجية وأصبت باليأس من صلاح الحال بيننا وبين جيرانٍ كان المنتدى يسعى من خلال الندوة إلى تخفيف التوتر بيننا وبينهم، والخروج بنا وبهم من "كهف المذهبيات" وخلق "تيار عقلاني" في المنطقة كما ذكر مدير المنتدى.
رأيتُ المثقفين العرب والخليجيين يتحدثون بعلم وشجاعة وأدب، ورأيت المثقف الإيراني يبرر سياسة إيران برمي التهم على دول الخليج، وسمعت أقوال المثقفين الإيرانيين التي لا تختلف عن آراء الساسة في بلادهم كما ذكرت الدكتورة ابتسام الكتبي في الندوة.
لمستُ سعة صدر العرب على خلافاتهم مع جيرانهم، وتضايقت من تذمر الإيرانيين من آراء مثقفي العرب الشجاعة والصريحة التي كانوا يحاولون بها كشف مواطن الخلاف لتلافيها في العلاقات.
وشعرتُ بتضايق جميع مثقفي العرب من عبث يد إيران في سورية والبحرين وسيطرتها على العراق، وصُدمت بتصريح الإيرانيين بأن إيران تسعى لاستقرار سورية فقط..!
غضبَ مسؤولٌ سابق في الملف النووي الإيراني، من الباحث الإماراتي عبدالخالق عبدالله لأنه عدد 11 نقطة تسببت بها إيران في توتير العلاقات بينها وبين دول الخليج، فاتهمه بأنه يستخدم لغة "نتنياهو" مسمياً إياه "نتنياهو العرب"..!
وغضبَ باحثٌ إيراني آخر لانتقاد أحد المحاضرين للمفاعل النووي الإيراني، متباكيا على نسبة التخصيب التي تقوم بها إيران والتي ليست إلا لاحتياجاتها الداخلية ومنها دواء "الأينسولين" الذي يتناوله هو..!
سمعتُ الباحثين والمثقفين الخليجيين ينتقدون بعض سياسات بلدانهم كما ينتقدون إيران بإنصاف، ورأيت الإيرانيين لا ينتقدون سوى دول الخليج .
(بين قوسين)
رأيت 4 أشخاص يديرون حواراً راقياً بين أكثر من 30 مثقفاً فيما بينهم ومع الحضور، ويضفون جواً من الألفة والإخاء بين الجميع.