ليس منذ وقت طويل، كان المتزوجون حديثا أو الذين ينوون الزواج في إيران يفكرون أولا أين سيقضون شهر العسل. الوجهات المختلفة تعتمد على ميزانية الزوجين، وكانت أوروبا عادة من بين الخيارات الأكثر رغبة. باريس، لندن، روما، كانت غالية بالنسبة لكثير من العائلات الإيرانية الذين تغير أسلوب حياتهم كثيرا بعد الثورة. لذلك كان الإيرانيون يفضلون الذهاب إلى تركيا أو دبي لأنهما تناسبان ميزانيتهم وهما جذابتان في نفس الوقت كوجهتي شهر عسل. لكن أزمة انخفاض قيمة العملة المحلية مقابل الدولار الأميركي والصعوبات الاقتصادية التي تمر بها إيران جعلتا مثل هذه الرحلات شبه مستحيلة على العرسان الإيرانيين. فقد ارتفعت أسعار بطاقات سفر الطيران للرحلات الداخلية والخارجية بمعدل 100%.

لكن المثير للاهتمام أن إعلانا جديدا عن مغامرة وجد طريقه بين الخيارات التي تقدمها وكالات السفر للعرسان الجدد. هذه الوجهة الجديدة تتسم بأنها، حسب الإعلان الترويجي لها، رخيصة وجميلة وسهلة بالنسبة للإيرانيين: إنها كوريا الشمالية. معظم الإيرانيين يدهشون ويضحكون عندما يسمعون اسم كوريا الشمالية كإحدى الوجهات المتاحة. رئيس كوريا الجديد كيم يونج إيل قرر فتح بلاده للسياحة كمصدر للدخل لبلاده المعزولة، وقد كانت الصين أول دولة تستجيب للتوجه الكوري الشمالي وربما تكون إيران هي الدولة الثانية التي تفعل ذلك.

ما أن تبدي رغبتك بزيارة كوريا الشمالية، عليك أن تطلع على قوانين وأنظمة هذا البلد، وهي ليست سهلة على الإطلاق. وإذا حدث وارتكبت جرما يعاقب عليه القانون وحكم عليك بالسجن فإن عليك أن تقضي فترة حكمك في كوريا الشمالية، ولا يسمح القانون الكوري الشمالي للسفارات بزيارة أي سجين من بلدانها. كما أنه لا يسمح للسائح التقاط الصور في أي مكان يشاء، ولا يستطيع أن يتنقل وحيدا داخل البلد. وبالطبع فإن إحضار أي كتاب أو مجلة أو حتى صحيفة إلى كوريا الشمالية أمر ممنوع.

ومع ذلك فإن بعض الناس يتحمسون لهذه المغامرة لكي يروا كيف تكون الحياة في بلد يمتلك قوة نووية لكنه معزول تماما عن باقي العالم. بلد لا يسمح لشعبه بالاطلاع على الإعلام الأجنبي، ناهيك عن الوصول إلى الإنترنت والفضائيات التلفزيونية. القائد الشاب الجديد، الذي تقول تقارير غربية كثيرة إنه يرتدي هو وزوجته أحدث الأزياء الغربية، لا يعطي الكثير من الحريات للشعب، حتى فيما يتعلق باختيار الملابس. في الماضي، كانت النساء الكوريات ملتزمات بارتداء ملابس بسيطة غير جذابة، لكنهن الآن يستطعن أن يرتدين ملابس ملونة ولها تصاميم مختلفة نسبيا.

لكن القانون يمنع الكوريين من التحدث إلى الأجانب، ولا يسمح للزوار بالتنقل في البلد بدون مرافقة. الإيرانيون الذين زاروا البلد يقولون إنهم نزلوا في فنادق جيدة وأن الطعام كان جيدا، وكانت الحافلات تأتي لنقلهم إلى أماكن مختلفة لزيارتها يوميا ثم تعيدهم إلى الفندق في نهاية اليوم دون السماح لأي منهم بالذهاب إلى أي مكان دون مرافق أو "مترجم رسمي" حسب التسمية الرسمية.

من المحزن أن الإيرانيين هذه الأيام عليهم أن يضعوا كوريا الشمالية بين خياراتهم كوجهة محتملة لقضاء شهر العسل لأنها رخيصة. ولكن من ناحية ثانية، قد يكون جيدا أن يذهبوا إلى هناك ليروا ما يعنيه أن يعيش الشعب تحت حكم دكتاتوري. حتى أكثر بلد معزول في العالم، ورغم أنه يمتلك قوة نووية، عليه أن يتنازل ويقبل بالانفتاح بشكل ما لتأمين لقمة العيش للشعب الجائع.

المحادثات النووية بين إيران والمجتمع الدولي يفترض أن تستأنف قريبا هذا الشهر. بدون وجود أمل لأي من الطرفين للتوصل إلى حل يخرج المباحثات من الطريق المسدود، تستعد الحكومة الإيرانية لعقوبات أقسى من الحالية وضغوط إضافية من المجتمع الدولي. الولايات المتحدة تهدد إيران باستصدار قرار دولي جديد ضدها لوقف نشاطاتها النووية بحلول الربيع القادم ما لم تتعاون إيران مع دول مجموعة 5+1. يبدو أن الولايات المتحدة تطلب من إيران ما لا يستطيع قادتها أن ينفذوه أو يلتزموا به، بما في ذلك وقف تخصيب اليورانيوم لدرجة 20%.

وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون قالت للمسؤولين الإيرانيين إن بلدها مستعد للتفاوض مع إيران إذا كانوا هم مستعدين لذلك. في إيران الجميع مستعدون ما عدا المرشد الأعلى للثورة آية الله علي خامنئي، الذي لديه أهداف لا يفصح عنها تتناقض مع المقاربات الأميركية. وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي قال ردا على كلينتون إن إجراء محادثات مباشرة مع أميركا من صلاحيات المرشد الأعلى فقط الموافقة عليها، أما في الأمور الأخرى فيستطيع البلدان أن يتواصلا دون مشكلة.

أعتقد أن المرشد الأعلى يحتاج للذهاب إلى كوريا الشمالية ليرى ما يمكن أن تفعله العقوبات الاقتصادية والعزلة الدولية بأي بلد في العالم. فصل الربيع هو آخر موعد وضعته أميركا للحصول على رد من إيران حول برنامجها النووي، وهناك انتخابات رئاسية في إيران في آخر فصل الربيع. يعود الأمر للمسؤولين الإيرانيين باختيار واحد من أمرين: إما أن تمضي إيران في الخط الذي مشت عليه كوريا الشمالية، أو أن يختاروا حلا يحقق الرخاء والراحة للشعب الإيراني. والأهم من هذا: أي من الأمرين يختار الشعب الإيراني؟