تؤدي ممارسة الرياضة دوراً مهماً في الحفاظ على توازن مكونات الجسم من سوائل وعضلات ودهون وعظام، وفي الوقاية من الأمراض، وكثير من الناس لا يمارس الرياضة إلا في شهر رمضان فقط ويتركها طيلة 11 شهرا من السنة، إيماناً منهم بأن ممارسة الرياضة في شهر رمضان تحصّن الجسم من الأمراض وتقضي على الخمول والكسل فتزيد الجسم نشاطاً وحيوية.

ويتفق كثير من المتخصصين بأن ممارسة الرياضة طيلة أيام السنة مهمة ومفيدة جداً، وأفضل من اقتصار ممارستها خلال شهر رمضان فقط، وأن الرياضة ستوفر للجسم النشاط البدني المنظم الذي يكسبه حيويته ونشاطه، وممارستها المعتدلة في جو معتدل الحرارة فرصة جيدة لحرق الدهون وما تم تخزينه طوال العام.

ويشجع خبراء الصحة فئات المجتمع كافة، من رجال ونساء وكبار وصغار وأصحاء ومرضى على ممارسة الرياضة في شهر رمضان، فبالإضافة إلى فوائدها المتعددة على صحة الجسم وسلامته تحافظ على توازن مكوناته من سوائل وعضلات ودهون وعظام وتقيه من أمراض العصر وسوء استغلال الوقت والطعام خلال رمضان.

يقول الدكتور رباح النجادة إنه نتيجة لساعات الصوم الطويلة هذه السنة يعاني الجسم من الحرمان من الطعام والماء، وبالتالي تحدث استجابة للجهاز العصبي فينشط مركز تقنين مخزون الطاقة الذي يحرق الدهون المخزّنة في النسيج الدهني لتوفير السعرات الحرارية الضرورية للقيام بالوظائف الأساسية من " التنفس، وضخ الدم إلى أجزاء الجسم، والحفاظ على ثبات درجة حرارة الجسم عند 37 درجة مئوية، والحفاظ على النغمة العضلية، ووظائف الغدد الهرمونية المختلفة "، والقيام بالأنشطة البدنية اليومية ينشط مركز تقنين مخزون الماء لتعويض نقص المياه فيحدث جفاف في الجسم، وهذا ما يحدث في الأيام العادية إذا تعرّض الجسم لحميّة تنحيفيّة قاسية. وأضاف: أثناء الإفطار يكون الجسم مهيئاً لتخزين الطعام والماء بسرعة لتعويض الحرمان الذي تعرض له في فترة الصيام، لذلك يتحوّل النقص في الوزن الذي حدث أثناء الصيام إلى زيادة في الوزن وبشكل أكيد بعد الإفطار، خصوصاً إذا أفرط الصائم في الطعام واستمرّ على هذه الحال طوال شهر رمضان من دون ممارسة أي نشاط رياضي.

أخصائي التغذية عماد العلي يقول إن ممارسة الرياضة في رمضان ضرورة ماسّة للحفاظ على حيوية الجسم وصحته، ذلك أن نظام الحياة اليومي ونظام الجسم يتغيران في هذا الشهر الفضيل، فعدد ساعات النوم الليلي يقلّ ويقلّ النشاط البدني في النهار ويتركز في الفترة المسائية، إضافة إلى تغير النظام الغذائي من حيث عدد الوجبات وتوقيتها، كذلك نوع الوجبات التي تتصف في السعودية بزيادة السكريات والدهون. وأكد أنه نتيجة للصيام الطويل على مدى النهار وحرمان الجسم من الماء، خصوصاً في الأجواء الحارة كجو السعودية، يحدث جفاف في الجسم وضعف في العضلات، لذلك تصبح ممارسة الرياضة مهمة جداً لتقوية العضلات ولصحة الجسم وسلامته، مستشهداً بحديث الرسول الكريم: " صوموا تصحّوا ". وأشار إلى أن أفضل الأوقات لممارسة الرياضة في رمضان يكون بعد الإفطار بـ 3 أو 4 ساعات، لأن ممارسة الرياضة بعد إتمام عملية الهضم تمنع الجسم من تخزين السعرات الحرارية التي دخلت مع وجبة الإفطار وتكون الأولوية في الطاقة للجزء الذي يقوم بالنشاط الرئيسي وهو العضلات. كذلك يمكن ممارسة الرياضة قبل موعد الإفطار مباشرة بحوالي ساعة أو نصف ساعة حتى لا تستهلك سوائل الجسم والسعرات الحرارية فيتعرض الجسم للجفاف والإرهاق. ويجب عدم ممارسة الرياضة مباشرة بعد الإفطار، لأنها تؤدي إلى عرقلة عمليات الهضم مما يؤدي إلى حدوث عسر هضم، ويمكن للصائم ممارسة أي نوع من أنواع الرياضة التي يفضلها كممارسة رياضة المشي أو السباحة، وإذا تم اختيار السباحة فيفضل ممارستها بعد الإفطار بـ 4 ساعات لتجنب احتمال دخول الماء إلى جوف الصائم.

المتخصص بعلم التغذية ولاعب كرة اليد نايف الدرع يؤكد أن أفضل الأماكن لممارسة الرياضة في رمضان هي الأماكن المفتوحة البعيدة عن الشوارع والضوضاء والازدحام والتلوث وعوادم السيارات، لأن الملوثات تدخل الرئة مما يؤدي إلى إرهاق الجسم وضيق التنفس خاصة لمرضى الجهاز التنفسي وكبار السن والحوامل، كذلك يمكن ممارسة الرياضة في الأماكن المغلقة ذات التهوية الجيدة ويجب أن تكون الإضاءة جيدة. وأضاف أنه يفضل لكبار السن ممارسة رياضة المشي البطيء، ويمكن للصغار في السن ممارسة رياضة السباحة والألعاب الجماعية ككرة الطائرة، والشباب يمكنهم ممارسة تمرين متكامل: إحماء، تمرين أساسي، تهدئة، ويفضل ممارسة الرياضة مع أفراد الأسرة أو الأصدقاء للحصول على التشجيع والفوائد النفسية والاجتماعية، وأهمية المحافظة على حرارة الجسم وعدم ارتفاعها، حيث ينتج عن الجسم حرارة بصورة دائمة نتيجة للتمثيل الغذائي، وينتج النشاط الرياضي حرارة ويرفع الجو الحار المحيط درجة حرارة الجسم، مشيراً إلى أن قدرة الجسم على المحافظة على ثبات درجة حرارته محدودة، ففي حالة الزيادة الواضحة قد يفقد القدرة على تنظيم درجة الحرارة وقد يصاب بأمراض الحرارة وقد يتعرض للوفاة. ونصح بعدم ممارسة الرياضة في الجو الحار والرطب، لأن ذلك قد يؤدي إلى اختلال قدرة الجسم في المحافظة على درجة البيئة الداخلية له لصعوبة التعرّق.