لا يفترض أن نقابل أي منجز تنموي بالتشكيك، ولهذا سنقبل إعلان وزارة الصحة حصول 21 مستشفى حكوميا على شهادة جودة الخدمات الصحية.

لمست بنفسي بعض هذه الجودة في أقرب المشافي إلي، في عسير المركزي، سواء في التنظيم الإداري أو في حجم المنجز التقني للأجهزة الطبية وأستطيع باطمئنان، لا يخلو من تحفظ، أن أبارك لهم على الفوز بالمركز الثالث على المستوى الوطني بحسب إعلان وزارة الصحة.

كل الفوارق التي أهديها لمسؤولي الوزارة ألا يخدعنا الرقم المعلن، لأن هذا الرقم لا يشكل سوى أقل من 9% من إمبراطورية وزارة الصحة. أين هي البقية من معايير الجودة؟

وكل ما أكتبه اليوم لن يخلو من عيبي القديم في البحث عن المعلومة الضائعة في وسط الأرقام المبهجة. لماذا خلت مناطق الشمال جميعها، وبلا استثناء من منشأة صحية واحدة تنافس على الجودة؟ لماذا غابت الجودة والاعتماد عن قطاع وطني عريض من الخرج إلى الدواسر ومن الليث إلى صبيا؟ ولماذا لم نجد في عسير بعد سبعين عاما من إنشاء وزارة الصحة مستشفى للأطفال أو حتى للنساء والولادة؟ إلى متى ستذر الوزارة الموقرة رمادها في العيون وهي تدغدغ مشاعرنا هنا بلوحتها – المتنقلة – عن (المدينة الطبية) وكأنها مجرد لوحة متحف لاحتفالات التدشين الوهمية بآلاف الأسرة – المحلقة في الجو – مثل فيروس نسمع عنه ولن نراه أبدا بالعين المجردة. لو كنا سنرى هذه المدينة لكانت واقعا في زمن الطفرة، ثم تذكروا أن الطفرة على الدوام طارئة لا تدوم كما هي العادة.

رائع جداً، جداً، أن يحصل مشفانا المركزي على المركز الثالث رغم أنه في واسع العذر لو أنه تقاعس عن مهمة الجودة. لماذا؟ لأننا نقصده بالآلاف والملايين في كل شيء من الزكام إلى الغيبوبة. من ألم الأسنان إلى العناية المركزة، ومن تساقط الشعر إلى عمليات المخ والأعصاب، وما زال – عسير المركزي – يتيما منذ ثلاثين سنة. شكرا لأنه خالف توقعاتنا رغم أنه، وللأمانة، في واسع العذر.