بداية، أقدم اعتذاري لجميع الرجال الحقيقيين الذين يستحقون منا الشكر ورد الجميل.. لكل رجل.. إنسان..
حين تساءل الاستاذ الشيحي في مقاله: "أين اختفى العم والخال؟"؛ الذي تناول فيه اختفاء دور الأقارب من الرجال في مساندة المرأة والوقوف بجانبها في قضاياها.. لم يبد أحدنا استغرابه لهذا التساؤل الذي لامس جرحا غائرا في نسيج مجتمعنا.. بل تشعب التساؤل ليصل بنا إلى السؤال الأهم.. من هم هؤلاء الرجال؟
وتبقى الإجابة المؤلمة في أعين النساء الذين لا يجدون الحل إلا في.. الصمت..
هم رجال من ورق.. حولوا حياة أسرهم إلى قطعة من عذاب ولا أظن أننا بحاجة إلى ذكر الأمثلة، فالعديد من بيوتنا أضحت جدرانها تئن من أنين نسائها..زوجة جردت من كافة حقوقها، ومطلقة مقهورة، ومعلقة توقفت حياتها تنتظر الحل من محاكم تعج بآلاف القضايا المشابهة التي تراكمت في مكاتب القضاة. كأنهم يقولون لها واجهي الحياة كيفما اتفق..والمستشفيات النفسية وغيرها امتلات بمئات الحالات التي إن بحثنا خلفها لن نجد إلا رجلا من.. ورق..
بمن أبدأ؟.. بزوج يرفض الطلاق ويمنع عن أسرته النفقة.. أم زوج هجر بيته وترك من فيه يقتاتون على ما يجود به أهل الخير؟.. أم بمن استمرأ تعذيب زوجته وأطفاله وانتهك حرمة إنسانيتهم.؟.. وزوج أعماه الطمع ويطلب أم أولاده في الحقوق المدنية تمهيدا لسجنها وإذلالها بسبب مشاكل مالية بينهما، وينسى عشرة عشرات السنين.. وغيره الكثير ممن غرقوا في أنفسهم ونسوا من سيسألون عنهم يوم العرض.
رجال هامشيون أصحاب رجولة مشوهة لا يقيمون وزنا ولا قيمة لنسائهم؛ رغم ما تبذله المرأة لأسرتها من تضحيات وأدوار ليست من مهامها وتشمل كل شؤون أسرتها بداية من الأمور المادية ومرورا بأدق التفاصيل الحياتية وانتهاء بدور المعلم والمربي و..و.. وستنتهي المساحة المخصصة ولن تنتهي المهام ... وبعد هذا كله..تواجه بالنكران والإهمال والإيذاء الجسدي والتعنيف النفسي الذي لا يقع عليها وحدها بل على أطفالها أيضا، وأصبحت المرأة في داخلها مقتنعة بأنها كائن بلا قيمة..وتبتز من قبل زوجها وأسرتها نفسيا وماديا.
وتظهر لنا قصة جديدة كل يوم تختلف تفاصيلها من قهر وتعذيب إلى أن وصلنا إلى إزهاق الأرواح.
ويرفع المجتمع ومؤسساته شعارات من جديد تفاعلا معها.. وتقام الدنيا ولا تقعد، ونستعين بالاستشاريين والمثقفين ورجال الدين ويبدي كل رأيه، ويتفقون كالعادة على أن المرأة جوهرة مصونة!..لكن.. مع وقف التنفيذ.. حتى سمحنا للمشاكل أن تستفحل وفقدنا القدرة على السيطرة عليها.
وغاب عن العديد من أفراد المجتمع أن المرأة حجر أساس في بناء أي مشروع تنموي..وغُيبت المرأة روحا وكرامة..وحُدد لها مسار واحد يخلو من الأمان ووضعت تحت براثن الخوف والتهديد والتعنيف.
أيها الرجل الورقي..
أقرأ سيرة نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام الذي قال: (أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم)
أعد بناء نفسك وإنسانيتك وتعلم أن العنف والضرب وهدر الكرامة ومصادرة الحرية هي أدوات الرجل الضعيف..(ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم)..وامنح المرأة الحب واشعرها بقيمتها ومكانتها ولن تجد إلا حبا..وأن المعاملة الطيبة تكمل رجولتك لا تنقصها.
وللمرأة أقول: تسلحي بالإيمان واجعليه خيارك الوحيد.. والتنازل عن كرامتك وهدرها وتكريس الخوف والخنوع بداخلك خيارات غير مقبولة، لا تشعري نفسك بالمهانة لأن الله قد كرمك، ولا تستسلمي للضعف فالله على كل شيء قدير، لا تسجني نفسك داخل شعور الظلم والانكسار فهذه مشاعر تهدمك لا تبنيك.. وكوني إنسانة متوازنة واعرفي قيمة نفسك وذاتك وتعلمي من جديد مبدأ الأخذ والعطاء.
ونؤكد لمجتمعنا أن تجاهل قضايا المرأة والاكتفاء بالتنظير والتمسك ببعض العادات والتقاليد التي تقلل من شأن المرأة وتعزلها عن تيارات الحياة، تعرضنا لخسارة كبيرة، وبدلا من أن تحصل المرأة على حقوقها تخسر حقوقا أخرى..
أخيرا، تأملوا هذه العبارات للكاتبة شهرزاد الخليج: (هل يجب أن نفضّل ظل الرجل على ظل "الحيطة" في زمن أضحت "الحيطة" أكثر أمانا من الرجال كي نثبت لهم أننا نساء/ ولسنا برجال؟).
فـ"الحيطة" أيها الرجل الورقي ليس لها لسان يشتم ولا ذراع تضرب ولا عقل يُحقِّر ولا قلب متحجر.. هذه نصيحتي.. عالجوا أنفسكم قبل أن تمزقوا.