ككاتبة أو حتى متأملة في شؤون بلدي سوف تتكون لدي بعض الانتقادات حول تهاون بعض المسؤولين، أو تقصير بعض المؤسسات الرسمية، عن أداء أعمالهم المكلفين بها. أو حتى تكاسل بعض الموظفين الحكوميين عن خدمة المواطن.

وبالطبع فالانتقاد الشريف هو الذي يدعو إلى التقدم والرقي في العمل والمعاملات وفي حمل الأمانات التي كلف بها أصحابها.. ولكن في أسطري هذه مال قلمي قليلا عن المسؤولين وأصحاب المراكز الحكومية.. وأمسكت قلمي وورقتي واجتمعنا ثلاثتنا أمام المرآة..

احتجتني أنا فقط المادة الوحيدة لأكون الناقد والمنقود.. فأنا فرد واحد من المجتمع وأنا مثال حي لشخصية كان يجب أن أستحضرها لأكتب عنها، هذه المرة سأستهدف المجتمع البسيط شبابا وشيبا، صغارا وكبارا رجالا ونساء، الكل ذو شأن فيما سأكتب..

مجتمعي العزيز: نصف تقدم الوطن سببه أصحاب القرار من ذوي الشأن والسلطة..

ولكن النصف الآخر هو نحن، أنت، وأنا، وهي وهو.. جميعنا تقع على عواتقنا مسؤولية النهوض بهذا البلد.. ومسؤوليتنا ليست كمسؤولية غيرنا، فنحن شعب بلاد الحرمين ونحن حاملو راية الإسلام وليس ذلك كله إلا مسؤولية عظيمة على أكتافنا نستطيع أن نفلح فنرفع راية ديننا ووطننا وهويتنا، ويمكن أن نفشل ونتخلف فنسيء لسمعتنا كشعب ووطن خاصة، وللإسلام والمسلمين عامة.

لا يخفى على أحد أن الفرد منا ما زال بحاجة إلى ثقافة واسعة ووعي شامل في التعامل مع الإشكالات المجتمعية بكل اختلافاتها وتباينها، فانتشار ثقافة التعامل الإسلامي الراقية بين الناس تحتاج إلى مبادئ وقيم نتكئ عليها.

المملكة كانت وما زالت تبذل كل جهد لتطبيق أحكام الدين وإرساء كلمة الحق كما جاءت به الشريعة السمحة، ولكن تفعيل المبادئ العظيمة لهذا الدين يحتم على أفراد المجتمع تحمل المسؤولية كل فيما يخصه.. فالرسول عليه الصلاة والسلام انتشل ظلمة الجهل عندما أنار عقول الأفراد، فحينما عقد عليه الصلاة والسلام العزم على تغيير العالم بدأ بالأفراد، بدأ بالشخص العادي البسيط من المجتمع الجاهلي، بدأ من قاعدة الهرم الاجتماعي.. وهذا ما نريده نحن.. لا نريد الدين في المحاكم والمساجد فقط .. ولا نريده قصصا نحكيها ولا نراها واقعا.

نريد الدين أسلوب حياة وطريقة عيش.. نريد الدين في المعاملات وفي الخلافات وحتى في طابور قص التذاكر المزدحم.

نريد الاحترام.. نريد الترفع عن السباب والشتائم، التي تتلقفها آذاننا في كل زحمة سير مرورية.. نريد أن تعيش عقولنا وقلوبنا بالدين كما كان في عهده عليه الصلاة والسلام.. نريد أن نزرع الفضائل والمبادئ في أطفالنا عمليا، يرونها ويمارسوها على أرض الواقع وليس بتلقينهم نظريا فقط.

نريد فقط أن نري العالم الوجه الحقيقي للإسلام، وجها يحمل كل معاني السلام والمحبة والاحترام.

مجتمعي الغالي وطني العزيز.. أنا منك وأنا فيك، ولن أكون إلا فخرا لك أو عسى الله أن يتوفاني قبل أن أدنس اسمك بالجهل.