هناك تساؤلات كثيرة ومختلفة تطرح نفسها دائما وبإلحاح حول كثير من الموضوعات الحيوية، والقضايا التي تواجهنا في حياتنا اليومية، ونتعايش معها دون رغبة منا، وكل سؤال ممكن أن يُطرح بأكثر من طريقة، وكثير من هذه التساؤلات يتم نشرها في صحفنا المحلية بشكل شبه يومي، وفيها تتم مناقشة كثير من الجوانب التي هي بحاجة إلى اهتمام وعناية خاصة من صانعي القرار في الإدارات، أو الوحدات المعنية بهذه الملحوظات، وما يحدث في أغلب الأوقات أنه لا يكون هناك استجابة لهذه الملحوظات، أو الآراء، أو المقترحات بشكل مباشر، وفي أحسن الأحوال تكون الاستجابة لما ينشر من مقالات في هذا المجال وقتية، ولا تتعدى دفاع مديري هذه الإدارات، أو ردود الناطقين الإعلاميين بها، والمأمول من هذه الجهات التي تدور حولها المقالات أن تستفيد من هذه الملحوظات، وأن تعمل خارطة طريق واضحة ومحددة المعالم يتم من خلالها حل المشكلات، وإقفال باب الانتقادات والملحوظات التي تتكرر حيال الموضوعات نفسها.

وقد يكون من المناسب طرح بعض الأسئلة بأكثر من صيغة لعلها تجد قلوبا واعية، أو آذانا صاغية، وتؤدي في النهاية إلى حلول لهذه المشكلات الخدمية، وهذه الأسئلة موجهة لأمناء الأمانات، ولرؤساء البلديات حول واقع شوارعنا التي تعاني من مشكلات عديدة ومستمرة لزمن طويل، والسؤال الأول: لماذا لا يتابع المسؤولون في هذه الجهات وضع شوارعنا بشكل جدي؟ لماذا لا تكون هناك صيانة لشوارعنا بشكل مستمر؟ لماذا لا يقوم مسؤولو الخدمات والصيانة بالوقوف شخصيا على واقع شوارع مدننا ومحافظاتنا؟ لماذا لا تكون هناك خطة بها أولويات لمشروعات الصيانة؟ لماذا أعمال الصيانة عبارة عن "ترقيعات" لا تدوم أكثر من بضعة أيام؟ لماذا لا تتم محاسبة من يخفق في أعمال الصيانة؟ لماذا لا تخصص مبالغ معقولة في ميزانية كل عام لأعمال الصيانة؟ لماذا ننتظر طويلا قبل تنفيذ أعمال الصيانة حتى يصبح الوضع لا يطاق؟ وأخيرا، لماذا الصيانة غائبة في كثير من القطاعات الخدمية؟ أما الصيغ الأخرى للأسئلة في هذا المجال فهي كما يلي: هل أعمال صيانة شوارعنا من أولويات الأمانات، أو البلديات؟ هل يستخدم المسؤولون الشوارع التي نستخدمها؟ هل يعانون من الشوارع التي يسلكونها مثلما نعاني من الشوارع التي نسلكها يوميا؟ هل توجد لدى هذه الجهات خطة طويلة المدى في مجالات الصيانة؟ هل توجد وحدات متابعة لمستويات إنجازات وجودة أعمال الصيانة؟ هل يتعامل مسؤولو الصيانة مع بلاغات المواطنين، أو الملحوظات التي ترد لهم من مصادر مختلفة بجدية؟ هل دور إدارات الصيانة يكون مقصورا على العمل المكتبي؟

المجال الآخر الذي بحاجة إلى اهتمام أكبر من المسؤولين يتمثل في الخدمات المرورية، فمسؤوليات المرور بدأت تقتصر على جوانب محدودة جدا، ووجودهم في شوارعنا بات نادرا خاصة بعد ظهور مشروع ساهر، وشركة نجم، وهنا أعرض عددا من الأسئلة على المسؤولين في إدارات المرور: لماذا غاب رجال المرور من شوارعنا؟ لماذا يتعمد بعض قائدي السيارات القيام بالمخالفات المرورية في وجود دوريات المرور إن وجدت؟ لماذا نعتمد في محاسبة مرتكبي المخالفات المرورية على "ساهر"؟ لماذا لا يتحرك بعض رجال المرور في محاسبة المخالفين في حالة تواجدهم بالميدان؟ لماذا لا تقوم إدارات المرور بحملات توعوية في مراحل التعليم المختلفة؟ لماذا لا يتم تجديد رخص القيادة، ورخص سير المركبات إلكترونيا ومن خلال خدمات البريد؟ لماذا بعض مشروعات مباني إدارة المرور متعثرة؟ أو متوقفة؟ لماذا لم يبدأ مشروع ساهر في بعض المدن، أو المحافظات؟ لماذا يتأخر حضور رجال المرور إلى مواقع الحوادث المروريـة الـتي تتطلب حضورهم؟ لماذا لا يكثف المرور دورياته في المواقع التي تكثر بها المخالفات المرورية؟ لماذا تكثر الحوادث المرورية المميتة؟ لماذا بات حضور المرور إعلاميا محدودا؟ لماذا لم تقم دوريات المرور السرية بدورها المتوقع منها؟ وفي صيغ أخرى هناك عدد من الأسئلة من أهمها: هل أعداد الأفراد في إدارات، وأقسام المرور كافية؟ هل سيقوم القطاع الخاص بوظائف المرور، وأدواره؟ هل يوجد لدى قطاع المرور خطة تطويرية طويلة المدى؟ هل سيتم تطوير نظام المرور الصادر في عام 1428؟ هل هناك خطط توسعية لتطبيق مراحل أخرى من مشروع ساهر غير مخالفات السرعة، وقطع الإشارات المرورية في مختلف مناطق المملكة؟ هل تم تقييم مشروع ساهر، ونجم في المدن بعد زمن من بداية تطبيقهما؟ هل يوجد لدى الإدارة العامة للمرور توجه لتكثيف برامجها التوعوية في وسائل الإعلام المختلفة؟

وأرى أن هناك العديد من الأسئلة في هذين المجالين، وغيرهما من المجالات الخدمية الأخرى، والأهم هو كيفية التعامل معها بطريقة واقعية، ولا بد من تركيز المسؤولين على الاستجابة الفعلية لهذه التساؤلات بما يكفل إيجاد الحلول المنطقية لها في الميدان الحقيقي، ولا تكون الحلول ورقية فقط، أو مجرد انفعالات وقتية، أو ردود فعل دفاعية فقط.