تم إقرار عقد العمل من أجل السلامة على الطرق من قبل فريق الأمم المتحدة المعني بالتعاون في مجال السلامة على الطرق في عام 2010. العقد عبارة وثيقة توجيهية وخطة عالمية تعمل كأداة لدعم إعداد الخطط الوطنية والمحلية للتصدي لوباء "الاصطدامات" المرورية المتفشي عالميا والذي يودي بحياة ما يزيد عن المليون إنسان سنويا.
عقد العمل من أجل السلامة على الطرق يمتد من عام 2011 لعام 2020 في محاولة لوضع إطار زمني للدول لتشجيعها على العمل والالتزام السياسي والالتزام بتوفير الموارد اللازمة للحد من تفشي هذا الوباء. هذا العقد تشرف على متابعته منظمة الصحة العالمية مع الدول الأعضاء لترصد التزامها وجهودها المبذولة محليا وإقليميا.
بموجب هذا العقد فإنه يتعين على الدول الأعضاء، ومن ضمنها المملكة، إصدار خططها الوطنية للعقد في مايو من عام 2011 ، وهو الشهر الذي تم خلاله إطلاق العمل بالعقد رسميا. تم الاحتفال عالميا بإطلاق العقد وقدمت العديد من الدول خططها واستراتيجياتها الوطنية للسلامة المرورية العام الماضي، حيث تجاوزت مرحلة الاستراتيجيات لمرحلة تفعيلها على أرض الواقع. هذه النشاطات سيتم الإعلان عنها مطلع العام القادم في تقرير عالمي عن السلامة المرورية، وللأسف فلا وجود لنا حتى اللحظة في أي من هذه النشاطات، ولم نشارك العالم استراتيجيتنا، والسبب هو تخاذل وزارة الصحة في الربط بين اللجنة الوطنية للسلامة المرورية ومنظمة الصحة العالمية.
نحن نملك مسودة للاستراتيجية الوطنية للسلامة المرورية التي قامت بإصدارها اللجنة الوطنية لسلامة المرور التابعة لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وتم إصدارها في عام 2011، ومع ذلك فلا توثيق لها لدى منظمة الصحة العالمية ولا لدى فريق الأمم المتحدة المعني بالتعاون في مجال السلامة على الطرق! جهود لجنة بأكملها تضيع سدى بسبب تقاعس أحد أعضائها عن أداء واجبه الاتصالي بمنظمة الصحة العالمية، وهو معيب حقا خاصة عندما ترى أن الشقيقة مصر قد تصدرت استراتيجيتها الوطنية للسلامة المرورية موقع منظمة الصحة العالمية لعقد العمل من أجل السلامة على الطرق مع كل ما تمر به من أحداث ومتغيرات.
اللجنة الوطنية لسلامة المرور تعمل على قدم وساق وإصداراتها في عام 2011 هي ما تطلبه العقد كخطوة أولى ولكن لم ير النور، لأن وزارة الصحة لن تحظى بكافة الأضواء والأصداء وبالتالي فإنها على ما يبدو لم تسمع ما قالته لها اللجنة لتتوقف لعبة "تلفون خربان" لديها وهي صامتة. وزارة الصحة تعلم أن اللجنة الوطنية لسلامة المرور لا تملك التواصل تنظيميا مع منظمة الصحة العالمية ولا فريق الأمم المتحدة، ولعلها استغلت هذه الثغرة المعلوماتية لدى اللجنة الوطنية لسلامة المرور ليسقط اسم المملكة من قائمة الدول التي التزمت بعقد العمل العالمي وقدمت استراتيجيتها من عام 2011.
إظهار المملكة بهذه الصورة المتخاذلة تتحمله اللجنة الوطنية لسلامة المرور وتتحمله وزارة الصحة التي كان من المفترض أن تقوم بواجبها الاتصالي بتقديم النسختين العربية والإنجليزية للاستراتيجية الوطنية للسلامة المرورية حتى يتسنى للعالم ويتسنى لنا توثيق الجهود المبذولة ومتابعتها محليا وعالميا. دعت اللجنة الوطنية لسلامة المرور قبل أسبوعين الباحثين والباحثات من كافة مناطق المملكة عن طريق العمادات البحثية للجامعات لتقديم مقترحاتهم البحثية كجزء من المرحلة الخامسة عشرة من أعمال اللجنة! المرحلة الخامسة عشرة وآخر تقرير تم تقديمه لمنظمة الصحة العالمية عن الاصطدامات المرورية كإصابات ووفيات وعوامل خطورة في المملكة كان في عام 2007.
الضبابية حول الاستراتيجيات والخطط سيئة ولكن الأسوأ هو وجود تلك الاستراتيجيات والخطط وعدم تسليط الضوء عليها وعلى تفعيلها، حيث إن الأخير يثير العديد من التساؤلات: من المستفيد من إظهار المملكة بهذا الشكل المتراخي عالميا؟
من المحزن حقا أن تُغيب جهود لجنة وطنية لأحد أهم أوبئة العصر وهو الاصطدامات المرورية بدون سبب واضح سوى التراخي والتقاعس من قبل أحد أهم أعضائها: وزارة الصحة.