مع الضجيج العالمي والعربي، ما بين احتساب وانتخاب، وقتال وهزائم، وخيبات وصولات بلا جولات، وبين اقتصاد عالمي يهتز له كل ركن من أركان الأرض وشبح اكتئاب، أتت انبلاجة جميلة وردية من خبر قادم لا يخص فلسطين وحدها، بل يخص العرب جميعا، ففي يوم29 نوفمبر2012، تم قبول فلسطين كعضو مراقب في الأمم المتحدة، وهي خطوة في طريق النضال القادم، فبعد خمسة وستين عاما، ها هي فلسطين ـ ومهما كان مستوى هذا الإنجازـ فإنه يثبّت وجود دولة فلسطين، ومن الصعب بعد ذلك التراجع.

ومهما كانت ردود الأفعال من الأعداء أو من أميركا وغيرها، فـ"ما ضاع حق وراءه مطالب".

لقد أصر الفلسطينيون على حقهم في الوجود، وها هو جزء منه يتحقق، ورغم الغصة من عدم مشاركة الدول العربية في هذا الحدث الكبير بوسائل الإعلام المملوءة بأخبار القتال، ولأن العرب بحاجة لشيء من الفرح وإعطاء الحدث قيمته، فلا تعفى المحطات العربية من تسليط الضوء عليه، فها هو علم فلسطين يرفرف مع أعلام الدول، وهذه الصفة الدولية ربما ليس لها مثيل سوى الفاتيكان لكنها خطوة على الطريق.

وكأن بالأمر حكمة ربانية؛ ليكون هذا التاريخ هو نفس التاريخ الذي أصدرت فيه الأمم المتحدة نفسها قرارها المشؤوم، الذي نعيشه منذ ذلك الوقت، وهو القرار 181 الذي أقر بتقسيم فلسطين عام48، في 29 نوفمبر أيضا، ولعل الله بهذه الإشارة، يبشر أنه بالإصرار على الحق، لا بد وأن يصل إليه صاحبه.

حتى وإن كانت البداية بسيطة، فلطفا إعلامنا العربي، باركوا وهللوا بهذا النصر، وإن كان منقوصا، ونبارك لشعب فلسطين، وأذكر كلمات شاعرنا المتوقدة روحه دائما ليوم مثل هذا هارون هاشم رشيد، أمد الله بعمره، والتي تغنت بها فيروز:

سترجع يوما إلى حينا

وتغرق في دافئات المنى

سترجع مهما يمر الزمان

ومهما تطول المسافات بيننا

وتحية فرح، ولتكن البداية لعودة الحق، ولمن قدم التضحية، ودم الشهداء وأنين السجناء، والطريق إلى دولة واحدة وردم الهوة، وتحكيم العقل بين الفلسطينيين ليتوحدوا ويفوتوا الفرصة على من أراد لنا الفرقة والصراع والتقسيم والاقتتال والانفصال.

عودة للوعي بين الفرقاء، ليتم الله نصره عندما تحسن النيات.