تطالعنا بعض وسائل الإعلام بين فترة وأخرى بعدد من الأخبار التي تتناول فيها بعض نتائج الدراسات العلمية المجتمعية التي تجريها الجهات المعنية، والتي تتضمن في الغالب نتائج مفزعة فيما يخص الشأن الاجتماعي، فهناك دراسة تكشف نتائجها أن 60% من حالات الطلاق تقع في السنة الأولى من الزواج، وأن 80% من الأطفال الموجودين في دور الملاحظة الاجتماعية، لارتكابهم جرائم جنائية هم نتاج آباء منفصلين.

وهناك دراسة أخرى تشير إلى ارتفاع نسبة الطلاق في السنوات الأخيرة حيث قفزت من 19% في سنة 1422 إلى 35% عام 1428. والله تعالى أعلم بما وصلت إليه هذه النسبة في عامنا الحالي!

كما أن من تلك الدراسات ما يوضح أن نسبة الطلاق السنوية تصل إلى 21%، بمعدل (2000) حالة طلاق شهريا، و(69) حالة طلاق يوميا، و(3) حالات طلاق كل ساعة.

وهنا يمكن القول أن تلك النسب التي تشير في مجموعها إلى ارتفاع نسب الطلاق في بعض المناطق لأسباب مختلفة ومتنوعة، إنما تشير في حقيقتها إلى انخفاض مستوى الوعي، بما يمكن أن يسمى (الثقافة الأسرية) وربما انعدامها عند أفراد تلك الأسـر، الأمر الذي يعني ضرورة العناية بالعمل الجماعي المنظم بين مختلف مؤسسات المجتمع؛ لتحقيق الغرض الوقائي الذي يمكن من خلاله التصدي الواعي لمختلف الأسباب والدواعي التي تؤدي بطريقة أو بأخرى إلى حصول الطلاق، وبذلك يمكن الحيلولة دون حصوله، لاسيما أنه إذا عرف السبب بطل العجب.

وليس هذا فحسب، بل إن هذه الإحصاءات والأرقام والنسب إنما تشير في مجموعها إلى وجود عدد من الإشكالات المختلفة، فهي في الوقت نفسه تؤكد أن هناك بعض المخاطر المحتملة التي يمكن أن تهدد في مجموعها كيان الحياة الأسرية في مجتمعنا، والتي تفرض على الجميع ضرورة تدارك الوضع، والعمل الجاد والمدروس على إيجاد الحلول المناسبة، سواء على مستوى الأفراد أو المجتمع، والتي لاشك أنها غير مستحيلة.

بقي أن أقول: إن ما كشفته بعض الدراسات من أن أكثر حالات الطلاق تحصل في العام الأول أمر طبيعي جدا، لاسيما في مجتمعنا الذي تنقصه العناية والاهتمام بنشر الثقافة الأسرية بين الأزواج الجدد، والتي لا يمكن أن تستغني عنها أي أسرة، وهذا يعني أن من الضروري جدا أن تعنى مختلف المؤسسات التربوية في المجتمع بنشر كل ما له علاقة بالثقافة الأسرية الواعية التي ـ لا شك ـ أنها متى انتشرت ستسهم في الحد من انتشار حالات الطلاق التي تحصل في بداية عهد الزوجية.

وفي هذا الشأن أتفق تمام الاتفاق مع الرأي الذي ينادي بضرورة إجبار الراغبين في الزواج على الالتحاق بدورات تدريبية مُكثفة، تؤهلهم للحياة الزوجية، وتوضح لهم الكيفية الصحيحة للتعامل بين الزوجين الجديدين داخل البيئة الأسرية الجديدة على اختلاف ظروفها وحالاتها، وهنا أرى أن من الضرورة بمكان أن تسند مهمة تنظيم وإعداد هذه الدورات لمن يوثق في دينه وأمانته من المختصين والمعنيين من التربويين والنفسيين، بل إنني أتمنى أن يصدر في هذا الشأن قرار رسمي يجعل أمر الالتحاق بهذه الدورات شرطا لازما مثل شرط الفحص الطبي الذي أثبت نفعه وجدواه وفوائده خلال السنوات القليلة الماضية، والله الهادي إلى سواء السبيل.