من أصل 6 مليارات هكتار من الأراضي الزراعية في العالم، تتعرض 63% منها لظاهرة التغير المناخي، لتصل تكلفة مكافحة هذه الظاهرة وفقا لبرنامج "الأمم المتحدة للبيئة" إلى 42 مليار دولار سنوياً. وفقاً لمركز "أبحاث أوبئة الكوارث" بالعاصمة البلجيكية وطبقاً لدراسة "البنك الدولي"، فقد ضمت قائمة أكثر من 12 دولة مهددة بالجفاف كلاً من إثيوبيا وإريتريا ومصر والسودان. وفي قائمة أكثر 12 بلداً معرضة للفيضانات، جاءت كل من بنجلاديش والصين والهند وباكستان وتايلاند وفيتنام. وضمت قائمة أكثر 12 دولة مهددة بالعواصف كلاً من الفلبين والهند وبنجلاديش وفيتنام والصين. كما ضمت قائمة الدول المهددة بارتفاع منسوب مياه البحر 11 بلداً، منها فيتنام ومصر وتونس وإندونيسيا والصين وبنجلاديش وليبيا. أما قائمة أكثر 12 دولة معرضة لنقص الإنتاج الغذائي، فقد شملت كلا من السودان ومصر والمغرب والجزائر وإثيوبيا وباكستان. وبين 50 دولة أكثر عرضة لنقص الغذاء والمجاعة، وردت أسماء 36 دولة إفريقية، معظمها من الدول الأفريقية، مثل إثيوبيا والسودان ومصر والصومال.
الوطن العربي يعتبر من أكثر أقاليم العالم المهددة بهذا الخطر، لكونه يواجه تحديات الضغوط السكانية وتقلص مساحات الأراضي الزراعية وشح المياه، فضلاً عن التوسع الحضري الذي فاق 55% من السكان. كما يعاني الوطن العربي من تفاقم ندرة الموارد المائية الناتجة عن 43% من مصادر داخلية و57% من مصادر خارجية، وهو الأمر الذي يعرض شعوبه لمخاطر كبيرة في المرحلة القادمة، وخاصة في ظل استنزافه لمصادر المياه الجوفية، وتهديد التصحر المتواصل لنحو 3 ملايين كيلو متر مربع من الأراضي العربية، التي تساوي 22% من المساحة الإجمالية للوطن العربي.
تقدر حصة المياه المتجددة المتاحة للفرد الواحد في الوطن العربي بحوالي 822 مترا مكعبا في السنة، وهذا أقل من حد الفقر المائي، الذي يعادل 1000 متر مكعب للشخص الواحد في المتوسط عالمياً. ومن المتوقع أن تتناقص هذه الحصة إلى أقل من 500 متر مكعب في السنة في معظم دول المنطقة العربية بحلول 2025، كما أن نصف هذه المياه ينبع من مصادر خارج المنطقة العربية، مما يؤدي إلى تفاقم الأمن المائي العربي وليصبح أكثر من نصف شعوب الوطن العربي تحت خط الفقر المائي.
بسبب ظاهرة التغير المناخي، يعود خطر المجاعة مرةً أخرى ليفتك بثاني أكبر الدول الأفريقية اكتظاظاً بالسكان، حيث ضاعفت موجة الجفاف التي تتعرض لها إثيوبيا من مخاطر كارثة إنسانية مزمنة. تقرير منظمة "يونسيف" الأخير يؤكد أن 6 ملايين طفل إثيوبي دون سن الخامسة يواجهون خطر المجاعة، بينما يقدر برنامج الغذاء العالمي أن 4 ملايين نسمة من سكان إثيوبيا سيحتاجون إلى مساعدات غذائية عاجلة خلال الشهرين المقبلين قبل نهاية العام الجاري، إلى جانب 8 ملايين نسمة يتلقون هذه المساعدات بشكل منتظم. ونتيجة لظاهرة التغير المناخي، هجر المزارعون في الصين 25,000 قرية من قراهم الزراعية، التي تفقد 600 كيلومتر مربع من الأرض المنتجة سنوياً بسبب التصحر وزحف الرمال، وخسرت كازاخستان نصف أراضيها الزراعية خلال العقدين الماضيين.
طبقاً لبرنامج "الأمم المتحدة لمكافحة التصحر" فإن غذاء أكثر من مليار نسمة في 100 دولة أصبح عرضة لمخاطر التصحر. وبحسب تقرير "المركز الأميركي لإدارة الأراضي الزراعية" فإن 40% من مساحة أميركا أصبحت عرضة للتصحر، و40% من مراعي ولاية تكساس أصبحت جافة تماماً.
كافة الدراسات تشير إلى أن ظاهرة التغير المناخي خلال العقدين الماضيين كان لها الأثر الأكبر في خفض إنتاجية المحاصيل الزراعية العالمية بنسب تتراوح بين 11% للأرز و17% للقمح و22% للشعير و28% لفول الصويا، وذلك في الوقت الذي يزيد فيه الاستهلاك المائي للمحاصيل بنحو 10% للذرة و17% للأرز و18% للقمح. كما أن تراجع هطول الأمطار أصبح يهدد المناطق الجافة، التي تصل مساحتها إلى 41% من مساحة الأرض ويسكنها 25% من شعوب العالم، لذا يؤثر التغير المناخي سلباً على الأمن الغذائي العالمي، حيث يتناقص الإنتاج لندرة الأمطار وارتفاع درجة الحرارة، مما يهدد بعض المناطق بالغرق والفيضانات نتيجة ذوبان الجليد، بينما تصاب المناطق الأخرى بالنقص الحاد في المياه لتزداد رقعة التصحر وانحسار الغطاء النباتي في أراضيها.
التغيرات المناخية تشكل تحدياً خطيراً للأمن الغذائي والمعيشة الريفية بالدول النامية الواقعة في المناطق الجافة، وعلى دول العالم أن تتضامن لمعالجة انبعاث الغازات واستقطاع الغابات ومخلفات الصناعة وعوادم السيارات، والبدء فوراً في تطوير الدول البحوث الزراعية واستنباط أصناف ملائمة ذات إنتاجية عالية ومقاومة للأمراض وبتكاليف أقل.
في كافة التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة، جاءت 7 دول عربية ضمن قائمة الدول الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية، وأشارت إلى أن الأمن الغذائي العالمي بحلول عام 2020 سيتفاقم باتساع رقعة التصحر وزيادة المناطق الجافة لترتفع أسعار الغذاء في العالم بنسبة 50%. وتضيف هذه التقارير أن التغير المناخي أصبح قضية خطيرة تواجه الزراعة عالمياً، لأنها تسبب نقصاً كبيراً في الإنتاجية الزراعية وبنسب عالية تقترب في بعض المحاصيل من 40% من الإنتاجية الحالية.
على الدول النامية عامة والدول الخليجية خاصة، التي تعتمد على الغذاء المستورد والمياه المُصَنعَّة، أن تبدأ فوراً في البحث عن الأساليب والوسائل التي تمكنها من مواجهة هذا الخطر والاستفادة من أرصدتها المالية في بناء المخزون الاستراتيجي للغذاء، وترشيد استخدام المياه.