بحلول الشهر الفضيل انتشرت مجموعات من المتسولين والمتسولات في مختلف تقاطعات الطرق وأمام المساجد والأسواق في منطقة عسير، مما تسبب في حدوث إزعاج وقلق للأهالي والمقيمين، في حين تمتد المعاناة إلى توظيف البراءة من الأطفال والرضع لذلك العمل الشاق تحت لهيب الشمس، ولساعات طوال.
وفي رصد لـ "الوطن" لوحظ أن غالبية الإشارات الضوئية بدءا من محافظة أحد رفيدة مرورا بالمدينة العسكرية فالرونة فخميس مشيط وصولا إلى أبها، لا تكاد تخلو إشارة واحدة من وجود متسول أو أكثر، فضلا عن المساجد التي يتوزع المتسولون فيها على أبواب المسجد.
وفي حديث مع أحد الأطفال المتسولين، أشار إلى أنه يتم توجيههم من قبل أناس كبار في السن ويتم توزيعهم منذ الصباح الباكر على الإشارات الضوئية والأماكن العامة وفي نهاية اليوم يتم جمع الحصيلة، لافتا إلى أن هنالك أعدادا كبيرة ما بين شيوخ ونساء وأطفال يستعان بهم لجمع المال.
في المقابل، يشير المواطن عبدالله آل حماد إلى كذب الادعاءات التي يفتعلها المتسولون مستخدمين البكاء وإحضار أطفال ذوي عاهات في خطوة منهم لاستعطاف قلوب الناس ودفعهم إلى مساعدتهم، ويرى أن يكون المواطنون أكثر وعيا وفهما وألا ينساقوا وراء إدعاءات هذه الفئة التي أصبحت مصدر إزعاج وقلق للمواطنين وبدأت تشكل ظاهرة خطيرة تفضي إلى العديد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية.
ويقترح آل حماد أن تقوم الجهات المعنية بدورها كاملا للقضاء على هذه الظاهرة، مؤكدا أن انتشار هذه الأعداد من المتسولين والمتسولات وبهذه الكثرة ينم عن ضعف أو إهمال الجهات المعنية.
أما المواطن مشبب البشري، فاعتبر أن تدفق المئات من المتسولين على المدن والقرى على مدار العام بصفة عامة ورمضان على وجه الخصوص يعد ظاهرة خطيرة، لاسيما بعد أن أصبحوا يشكلون مصدر خطر وإزعاج عند الإشارات المرورية وأمام المطاعم وفي المساجد وحتى وصل بهم الحال إلى دخول بعض الإدارات الحكومية وبعض الكليات لاستعطاف الناس، مؤكدا أن خطر هذه الفئات في القرى قد يكون أكثر، لاسيما عند ذهاب الناس إلى أعمالهم صباحا فيأخذون في الطرق على أبواب المنازل واحدا بعد الآخر بطريقة مزعجة للغاية، فضلا عن الخطر الذي يشكلونه على أهالي القرى حيث أصبحوا مصدر رعب للأهالي. ويقول محمد آل راقع "إمام مسجد" إن أعداد المتسولين في تزايد مستمر مرجعا السبب في ذلك إلى طيبة المجتمع السعودي وتعاطفه أكثر من اللازم، مشيرا إلى أن المتسولين أحدثوا كثيرا من المشاكل أبرزها مشكلات السرقة، ولم يعد موضوع التسول مقتصرا على مجهولي الهوية فحسب، فهناك متسولون من السعوديين أزعجوا المصلين في مساجدهم ولم يعد يعرف الصادق من غيره، في حين أن المصلين في معظم مساجد المنطقة يواجهون إزعاجا حقيقيا وشبه يومي أفقدهم خشوعهم وحرمانهم من قراءة الأذكار بعد الصلوات، لاسيما خلال شهررمضان الكريم.
إلى ذلك، يشير المتحدث الرسمي للشؤون الاجتماعية في منطقة عسير علي الأسمري إلى أن الآلية المتبعة لعمليات الضبط هي أن تتولى الجهات المعنية في كل محافظة القبض على المتسولين وإحالة السعوديين منهم إلى مكتب المتابعة في الشؤون الاجتماعية لبحث حالاتهم، وإحالة المقيمين إلى إدارة الجوازات لمعرفة أوضاعهم ومدى نظامية إقامتهم من عدمها، لافتا إلى أن نسب السعوديين المتسولين لاتتجاوز 7% من إجمالي المضبوطين.
وأضاف أن مسؤولية ضبط المتسولين تعد مشتركة بين عدد من الجهات، ويلعب المواطن دورا رئيسا في ذلك، إذ يجب تحييد العاطفة، ووضع أمن ومصلحة الوطن فوق كل اعتبار، فيما يتعين على المتصدقين توجيه أموالهم إلى الجهات الخيرية الرسمية.
وعلمت "الوطن" من مصادر مطلعة أن عدم وجود نظام صريح لمعاقبة المتسولين، أسهم في تفاقم المشكلة، إذ يعود غالبيتهم للتسول بعد ضبطهم، في حين أن غالبية المتسولين غير سعوديين ومن بلاد عربية ومنهم من لا يحمل إقامة نظامية.