كنت، وما زلت، على ثقة أن قراءة تفاصيل وجه الرئيس المصري، محمد مرسي، وكذا كيميائه الشخصية تقول إنه وجه ودود أبوي لطيف وطيب، مثلما أنا مؤمن أنه نزيه نظيف اللسان واليد. معضلة (التنظيم الإخواني) في كل مكان ليست في الرأس ولا في القلب: مشكلة التنظيم دائما، وكما لاحظت، هي في بعض النهايات الطرفية، مشكلة القائد (الإخواني) ليست من مناوئيه قدر ما تكون من أخيه. مرسي، في الأنموذج، لم يكن ضحية المرشد، بديع، ولا نائبه خيرت الشاطر. مشكلته بالضبط هي مع (أخيه) الأصغر الذي يظهر في كل مكان، يدفعه إلى الشكوك في الجميع، يصور كل شيء له على أنه مؤامرة. قصة محمد مرسي بالضبط هي مع العريان ومحمد البلتاجي وهما بالتحديد مثال لحفرة (الإخواني) بيدي أخيه. لم يشوه صورة مرسي وصورة (الإخوان) شيء مثل محمد البلتاجي كنهاية طرفية لقلب التنظيم. ظهور كثيف، وفي كل مكان، لا يبرهن على الاستحواذ فحسب، بل على الرتابة حد الملل. وحيثما بحثت عن (مصر) تجد البلتاجي في كل زاوية، في الفريق الاستشاري للرئيس، في مجلس حقوق الإنسان، في جمعية الدستور، في مجلس الشعب المنحل، في كل منصة من مليونيات الميادين، في حزب الإخوان وفي مجالسه المختلفة. صورة ثابتة حين يخطب الرئيس أمام الجماهير وأيضا ضيف متنقل كل المساء على غرف القنوات الفضائية. باختصار هو صورة تشويه متحركة من حيث يظن أنه يخدم ويحسن.

مشكلة (الإخوان) هي مع الإخواني الحركي الذي يظن أنه لا بد أن يكون موجودا في كل مكان. (الإخواني) لدينا، بالمثال، يظن أن كل مكان ثغرة لا بد له من الوجود ولا سداد لها إلا بوجوده. الإخواني الحركي مؤمن أنه لا بد من وجوده في جمعية البر وفي النادي الأدبي وجمعية أصدقاء المرضى، في المجلس البلدي وجمعية أهالي المنطقة ومراكز دعوة الجاليات، في صباح السعودية على القناة الأولى، وفي لجنة الابتعاث والتدريس بالجامعة كي لا يتسرب اسم شارد إلى القائمة المطروحة، هو لا يعلم أنه بهذه الكثافة يشوه صورة التنظيم، لأن المجتمع يرفض (الفرد) الكشكول وينفر من الوجه المتكرر في كل ركن وزاوية.